بغداد | انقسمت القوى السياسية العراقية حول دعوة زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، الحكومة والبرلمان إلى التصويت على غلق السفارة الأميركية في بغداد، وطرد السفيرة ألينا رومانوسكي. وإذ تميل قوى وازنة داخل الحكومة و«الإطار التنسيقي» الذي يدعمها، إلى عدم اتخاذ خطوة من هذا النوع، والتركيز بدلاً من ذلك على التعامل مع مسألة الوجود العسكري الأميركي في البلاد، فقد توقّع مقربون من التيار أن ينطلق الأخير إلى خطوات إضافية كان الصدر قد لوّح بها إذا رُفض طلب غلق السفارة، ولم يكشف عنها. وطالب الصدر، يوم الجمعة الماضي، الحكومة الاتحادية والبرلمان بالتصويت على قرار يقضي غلق سفارة الولايات المتحدة في بغداد، اعتراضاً على دعمها اللامحدود لإسرائيل، ونصرة للشعب الفلسطيني، مؤكداً أنه سيكون له موقف آخر يعلنه لاحقاً، إن لم تتم الاستجابة لدعوته. وبعد ذلك، أعلن عضو مجلس النواب العراقي، برهان المعموري، أنه سيشرع في حملة لجمع التواقيع من أجل طرح الأمر على التصويت تحت قبّة البرلمان.وفي هذا الصدد، يقول مصدر حكومي عراقي، لـ«الأخبار»، إن «قطع العلاقات مع أميركا سيضر العراق اقتصادياً، ولن يخدم القضية الفلسطينية»، مضيفاً أن «الحكومة عليها التزامات دولية، والبعثات الديبلوماسية محمية بموجب قوانين ومعاهدات». ويشير إلى أن «قرار غلق السفارة الأميركية لا يمكن البتّ فيه بسهولة»، معتبراً أن «الحكومة يمكن أن تتّخذ قرارات حول مصير التواجد العسكري الأجنبي، بعيداً عن إغلاق البعثات الدبلوماسية، ولا سيما الأميركية».
وفي الاتجاه نفسه، يلفت المتحدث باسم كتلة «الصادقون» النيابية، الجناح السياسي لـ«حركة عصائب أهل الحق»، محمد البلداوي، إلى أن «الحكومة اتخذت إجراءات، وأوضحت موقفها من القضية الفلسطينية»، معتبراً أن «إغلاق السفارات يُدخِل العراق في عزلة عن العالم». ويعرب البلداوي، في حديث إلى «الأخبار»، عن اعتقاده بأن «ما تقوم به السفيرة الأميركية والقوى الإمبريالية من مواقف مخزية تجاه الشعب الفلسطيني ودعم الصهاينة، يجب أن تقابله إجراءات تبدأ بمراجعة العلاقات مع هذه الدول، ثمّ التعامل معها اقتصادياً وصولاً إلى ما يمكن أن نعبّر به عن الموقف العراقي». ويرى أنه «من غير المنطقي أن نحرج الحكومة أو نُدخل أبناء الشعب العراقي إلى هكذا قضايا تربك الوضع الداخلي، وأن جميع فصائل المقاومة ملتزمة بتوجيهات الحكومة العراقية تجاه السفارات والبعثات، ولنا مواقف بهذا الشأن بما لا يمكن المزايدة عليه». ووفقاً للبلداوي فإن «هذه الدعوات تُزعزع الجبهة الداخلية للحكومة العراقية وتضعها في موقف ضعيف، لكن يجب أن نذهب في اتجاه توحيد هذه الجهود، واستخدام الوسائل الديبلوماسية والرسائل في اتجاه القوات العسكرية الموجودة، لا في اتجاه السفارات أو القنصليات والبعثات الدبلوماسية».
وفي المقابل، يؤيد النائب المستقل في البرلمان، عامر عبد الجبار، دعوة الصدر، ويقول «إننا طالبنا بمغادرة السفيرة الأميركية، وجمعنا تواقيع لهذه الغاية، لكن بسبب غياب البرلمان في الأسبوع الماضي وعدم وجود جلسات، كان عدد التواقيع فقط خمسة». ويتابع، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «بعض النواب كان يقول إن غلق السفارة محرج للحكومة، ومحرج بالنسبة إلينا، لكن نحن كمستقلين نؤيد دعوة الصدر وسنطالب بجلسة استثنائية لهذا الموضوع». ويعتقد «أن الحكومة لا تستطيع أن تتّخذ مثل هذا القرار»، مضيفاً أن «الإطار التنسيقي هو الذي يسيطر على البرلمان، لكن ضغطه في اتجاه مثل هذا القرار سيكون ضعيفاً».
ويعتبر الناشط السياسي، صفاء البغدادي، المقرّب من«التيار الصدري»، بدوره، أن «هناك عدداً من الرسائل لطلب الصدر من الحكومة والبرلمان التصويت على غلق السفارة الأميركية في العراق، ومنها معرفة من الذي يدافع عن المصالح العامة ويرفض الاحتلال الأميركي المساند لإسرائيل في قتل الأبرياء في فلسطين». ويضيف، في تصريح إلى وكالة «شفق نيوز»، أنه «في حال لم تستجب الحكومة والبرلمان لطلب غلق السفارة، فإن للصدر كلاماً آخر سوف يأتي في حينه، وربما قد يكون مماثلاً لمواقف سابقة تعامل بها مع الحكومات».