الحسكة | واصلت فصائل المقاومة هجماتها على القواعد الأميركية في سوريا، رغم محاولات الولايات المتحدة ردعها عن ذلك، عبر تنفيذ غارتَين على مواقع للقوات الرديفة والحليفة للجيش السوري في البادية الفاصلة بين القورية والميادين في ريف دير الزور الخاضع لسيطرة الحكومة السورية. وأعطت الاعتداءات الأميركية الأخيرة، والتي نُفّذت يوم الجمعة الماضي، مفعولاً عكسياً، إذ كثّفت فصائل المقاومة من وتيرة هجماتها في أعقابها، مستهدِفةً القواعد الأميركية ست مرّات في يومَين، في ما يمثّل أكثر من نصف عدد المرّات التي استُهدفت فيها تلك القواعد منذ بدء موجة الهجمات الجديدة منتصف الشهر الجاري.وهاجمت الفصائل، بين الجمعة والأحد، القاعدة الأميركية في حقل العمر النفطي مرتَين، كما استهدفت قواعد الشدادي مرتين ومطار خراب الجير والتنف في شرق البلاد وجنوبها. وأتت هذه الهجمات، رغم إعلان الجانب الأميركي اتخاذ مزيد من الإجراءات الدفاعية، ونصب صواريخ مخصّصة لاعتراض الأهداف ذات الارتفاع المنخفض، كصواريخ «أفينجر» ومنظومة «ثاد» للدفاع الجوي، بالإضافة إلى تعزيز عدد الجنود الأميركيين في سوريا بـ100 جندي إضافي، وفقاً لبعض المعلومات. كما سيّر الأميركيون دوريات مراقبة على الأرض في أرياف دير الزور، في محاولة لرصد أيّ منصّات إطلاق صواريخ أو قواعد لإطلاق الطائرات المسيّرة. كذلك، ارتفع عدد الشاحنات التي أدخلها «التحالف الدولي» من شمال العراق إلى سوريا، منذ بدء الهجمات على القواعد الأميركية في الـ16 من الشهر الجاري، إلى نحو 90 شاحنة، حملت المزيد من الأسلحة والمعدّات الخاصة بالدفاع، في محاولة من الأميركيين لتشكيل غلاف جوي يمنع أيّ هجمات على قواعدهم في كلّ من سوريا والعراق.
لكن مصادر ميدانية تؤكد، لـ«الأخبار»، أن «المقاومة تمكّنت حتى الآن من استهداف القواعد الأميركية في شرق سوريا وجنوبها 15 مرّة، في 10 أيام، وهو ما يقترب من معادلة عدد الهجمات التي حدثت منذ أول هجوم على تلك القواعد قبل عامين ونيف». وتلفت المصادر إلى أن «هذه الهجمات سبّبت رعباً كبيراً للجنود الأميركيين، الذين توفّي أحدهم إثر جلطة مفاجئة في الهجوم على إحدى القواعد في العراق، ما يؤكد تحقيق العمليات لأهدافها العسكرية، وكسرها معنويات جنود الاحتلال». وتضيف أن «صفوف الاحتلال تشهد حالة إرباك غير مسبوقة، وسط إثبات المقاومة كفاءة عالية في اختراقها أنظمة الدفاع كافة التي نصبت لحماية القواعد الأميركية غير الشرعية على الأراضي السورية»، جازمةً أن «الهجمات مستمرّة رغم كلّ ما اتّخذه وسيتّخذه الأميركيون من إجراءات على الأرض». وتشير إلى أن «الرسالة واضحة، وهي رسالة انتقامية من دعم الاحتلال الأميركي المتواصل لعدوان الكيان الصهيوني على قطاع غزة»، متابعةً أن «زخم الهجمات سيرتفع للتأكيد على جدّية المقاومة في تحقيق هدفها الآني، وهو الضغط لوقف الحرب على غزة، والمستقبلي، وهو إرغام قوات الاحتلال الأميركي على الخروج من الأراضي السورية التي دخل إليها بصورة غير شرعية، ومن دون موافقة الحكومة الشرعية».
من جهتها، حذّرت مجلة «تايم» الأميركية من «حرب واسعة» بين الولايات المتحدة وإيران، في أعقاب إعلان واشنطن قصفها منشأتين لـ«الحرس الثوري» الإيراني في البوكمال، شرق سوريا، الأسبوع الماضي. وقالت المجلة، في تقرير، إن «القوات العسكرية الأميركية في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط في حالة تأهب قصوى، تحسباً لهجمات إضافية من الميليشات الموالية لإيران، بعد تعرّض قاعدتين في سوريا لهجمات متكرّرة»، مضيفةً أن «الرئيس جو بايدن يأمل في إقناع طهران بإنهاء الصراع، قبل أن تذهب الأمور بعيداً جداً»، مستدركةً بأن «بعض المراقبين لديهم خشية من أن قادة إيران ليست لهم مصلحة في التراجع».
هاجم «جيش القبائل والعشائر» مناطق «قسد» في ريفَي دير الزور الشرقي والغربي


وبالتوازي مع تصعيد المقاومة ضد الأميركيين، شنّ «جيش القبائل والعشائر» العربية، هجوماً واسعاً ومنظّماً على مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) في ريفَي دير الزور الشرقي والغربي، تأكيداً للتمسّك بمطلب إخراج «قسد» من كامل جغرافيا دير الزور، وسعياً إلى مواصلة الضغط على «التحالف الدولي» للالتفات إلى هذه المطالب. وهاجم أبناء العشائر، على نحو متزامن، مواقع لـ«قسد» في كلّ من ذيبان وحوايج ذيبان وأبو حردوب والجرذي والكشكية في ريف دير الزور الشرقي، وبلدة الكبر في الريف الغربي، وتمكّنوا من السيطرة على غالبية بلدة أبو حردوب، بالإضافة إلى حي اللطوة في ذيبان، مع أسر عدد من عناصر «قسد»، وإسقاط طائرة مسيرّة لها. في المقابل، قُتل خمسة مدنيين وأصيب آخرون في سقوط قذائف اتُّهمت العشائر «قسد» بإطلاقها بعد انسحاب مقاتليها من البلدة، وهو ما نفته الأخيرة عبر إعلامها، متهمةً الجيش السوري بتنفيذ الهجمات، ومعلنةً ردّ قواتها على مصادر النيران، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة أربعة آخرين في مدينة الميادين.
ووفقاً لمصادر عشائرية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «مقاتلي العشائر انسحبوا من المناطق التي سيطروا عليها في الريف الشرقي، بعد تحقيق الهجمات لأهدافها». وتوضح المصادر أن «الهجمات بدأت تركّز على إلحاق أكبر خسائر ممكنة بقسد والانسحاب للحفاظ على حياة العناصر»، معتبرة أن «تثبيت السيطرة على الأرض شبه مستحيل، وسط عدم توازن القوة بين الطرفين، والدعم الأميركي المتواصل لقسد في المنطقة». والظاهر أن مقاتلي العشائر يريدون من وراء هذه الهجمات استمالة عناصر «قسد» من أبناء المكوّن العربي، وحملهم على الانشقاق عنها، والانضمام إلى «جيش القبائل والعشائر»، بالإضافة إلى منع «الإدارة الذاتية» من الاستفادة من الموارد الاقتصادية، عبر تكرار الاستهداف لخطوط النفط والغاز، بما يتيح أيضاً كسب التعاطف الشعبي إلى صفّ العشائر.