القاهرة | شهدت الاتصالات المكثّفة التي أجرتها القاهرة، في الأيام الماضية، حول الوضع في قطاع غزة، تطوّراً ملحوظاً في ما يتعلّق بالمساعدات الإنسانية التي ستصل إلى القطاع، عبر مطار العريش ثم معبر رفح. وطلبت مصر، من دول أوروبية، تكثيف ضغوطها على الحكومة الإسرائيلية في الفترة المقبلة، بالتزامن مع طلب مشابه من الأميركيين. وأكّدت مصادر مطّلعة على الاتصالات والمفاوضات، لـ«الأخبار»، أن «كلّ محاولات التوصّل إلى هدنة إنسانية مؤقّتة، أو وقفٍ لإطلاق النار، فشلت خلال الساعات الماضية، في وقت تغيّر فيه موقف الولايات المتحدة التي كانت أبدت مرونة في ما يتعلّق بالتوجّه نحو هدنة إنسانية لساعات تسهّل عملية خروج الأجانب وإطلاق بعض الأسرى».وأضافت المصادر أن «نقاشات ساخنة دارت بين مسؤولي الاستخبارات في واشنطن، ونظرائهم في القاهرة وتل أبيب، أكّد الجانب المصري فيها أن فكرة القضاء على حركة حماس التي تتحدّث عنها إسرائيل، أمر لا يعنيها»، متابعةً أن مصر رفضت، خلال المناقشات، الاتهامات الإسرائيلية بانحيازها ودعمها لـ«حماس»، فيما أكّد مسؤولوها أنهم «يتعاملون مع الحركة باعتبارها الحاكمة لقطاع غزة»، وأن «القاهرة لن تتدخّل في الحرب، لكن ما تعمل عليه هو تهدئة الأوضاع لتحقيق الاستقرار على حدودها الشرقية». كذلك، جدّد مسؤولو المخابرات المصرية التأكيد أن القضاء على حركة «حماس»، في ظلّ الوضع الحالي للقطاع، أمر غير ممكن تحقيقه، وأنه «وهم» يحاول المسؤولون الإسرائيليون ترويجه للعالم، لـ«تبرير العنف وأعمال القتل والقصف الذي دمّر قطاع غزة بالكامل، وحوّله إلى جحيم»، جازمين أن محاولات تهجير مليونَي فلسطيني إلى سيناء، أمر «لن يتحقّق مهما كانت الأسباب، وأيّاً كانت عوامل الإغراء التي تُقدّم للسلطات المصرية، سواء اقتصادية أو سياسية».
تغيَّر الموقف الأميركي من الدعوة إلى وقف إطلاق النار، إلى التأكيد أن التوقيت ليس مناسباً


ووفق مصادر «الأخبار»، فإن «تغيّر الموقف الأميركي من مساندة القاهرة في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، إلى التأكيد أن التوقيت لا يزال غير مناسب، حدث في ظلّ ضغوط إسرائيلية واضحة». ومع ذلك، قالت المصادر إن القاهرة نقلت إلى واشنطن وتل أبيب قناعتها بقدرة حركة «حماس» على الاستمرار في المقاومة، ومهاجمة إسرائيل «لفترة أطول ممّا تتوقّعه الأخيرة، التي بدأت تراهن على إمكانية تناقص السلاح في القطاع، وانقطاع أساسيات الحياة عن المقاتلين»، منبّهةً إلى أن «هذا الرهان ليس في محلّه، وسيكون ضحيّته آلاف المدنيين الأبرياء الذين يسقطون يومياً نتيجة الغارات الإسرائيلية».
ويتزامن ذلك مع اتصالات دبلوماسية على المستويَين الرسمي وغير الرسمي، بين المصريين والأوروبيين، لبحث احتياجات القطاع الإنسانية، والاتفاق على إرسالها إلى مطار العريش، على أن تدخل تباعاً عبر معبر رفح البري. أيضاً، عملت مصر على تعزيز التواصل مع «الأونروا» خلال الساعات الماضية، من أجل تحديد الاحتياجات الأساسية، وتجهيز ردّ فعل رسمي من المنظمة الإغاثية، في حال ادّعاء إسرائيل سيطرة «حماس» على المساعدات. وفي موازاة هذه التحرّكات، كثّف الجيش المصري تدريباته الاستثنائية والمُعلنة، مع تنفيذ إحدى وحدات الجيش الثالث الميداني الذي يتمركز في السويس، تدريبات مكثّفة تتضمّن إجراءات التأمين الفني للمعدات والمركبات خلال الحرب، فضلاً عن أخرى قتالية لتشكيلات مختلفة من وحدات القوات المسلّحة بحضور عدد من القادة العسكريين.
وفي سياق متّصل، زار رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مقرّ «الكتيبة 101» في العريش، للإعلان عن تنفيذ حزمة مشروعات تنموية عاجلة في شمال سيناء، في خطوة تهدف إلى جذب مزيد من السكان إلى المنطقة التي خلت حتى من سكانها الأصليين على مدار العقد الماضي، خلال المواجهات العسكرية بين الجيش المصري والجماعات التكفيرية بعد عام 2013. وأعلن رئيس الوزراء تلقّي الحكومة توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنفاق 363 مليار جنيه خلال 5 سنوات، من أجل تحقيق التنمية في سيناء، في حين سيجري افتتاح مدينة رفح الجديدة، والتي جرت إعادة بنائها في موقع مختلف، يبعد نحو 7 كيلومرات عن معبر رفح، بعدما أُزيلت المدينة بالكامل قبل عدة سنوات. وجدّد مدبولي رفض الدولة المصرية أيّ حديث عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى المنطقة.