غزة تقاوم
في غزة، اعترف جيش العدو بمقتل 16 من جنوده خلال أقل من 24 ساعة، حتى بعد ظهر أمس، في ما وصفته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بأنه أحد أكثر الأيام دموية لهذا الجيش، إذ قارب عدد قتلاه فيه ربع الحصيلة في مجمل حرب عام 2014، التي استمرت شهراً ونصف شهر. ولم ينجح وزير الحرب، يوآف غالانت، والناطق باسم جيش العدو، دانييل هاغاري، في التخفيف من حجم الحصيلة الثقيلة، عبر تكبير الأهداف المتوخّاة، وإيهام الرأي العام بأن العملية تسير وفق المخطّط لها، فقال هاغاري إن «قواتنا اخترقت الخطوط الدفاعية الأمامية لحماس في شمال قطاع غزة، من خلال التخطيط المسبق والاستخبارات الدقيقة والهجمات المشتركة من البر والجو والبحر». أما غالانت فبرّر الخسائر بالقول إن «أثماناً تُدفع من جانبنا، كما يحدث في أي معركة»، زاعماً أن «الحرب تسير وفق الأهداف»، وأن «حماس تتلقّى ضربات موجعة»، ولافتاً إلى أنه «تم إسقاط أكثر من 10 آلاف قذيفة على مدينة غزة».
ولدى سؤاله عن تأخّر بدء الهجوم البري، والمهلة الزمنية المحتملة للحرب، وضغوط الرأي العام العالمي، قال الوزير الإسرائيلي إن «الهجوم بدأ عندما حان الوقت. ويجب أن ننتصر مهما كان الثمن، ومهما طال أمد الحرب. وحتى لو لم يجد ذلك استحساناً لدى بعض الدول الأخرى، فسنستمر حتى نهزم حماس». ورداً عما يتوقّعه من خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً، أعاد غالانت تكرار أن إسرائيل «ليست مهتمة» بحرب أوسع نطاقاً، لكنها مستعدّة على كل جبهة، والقوات الجوية «جاهزة لأيّ مهمة».
المساعي السياسية والإنسانية
لا يزال الدعم الأميركي لإسرائيل والتغطية على جرائمها أمراً مفتوحاً، مع استمرار واشنطن في منع إسرائيل من خطوات قد تستثير حتى الحلفاء. وركّزت الولايات المتحدة أمس جهودها على إيصال مساعدات إلى غزة ونقل جرحى من القطاع إلى مستشفيات في مصر، مقابل مغادرة مواطنين يحملون جنسيات غير فلسطينية القطاعَ. واقتصرت تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن أمس حول العدوان على الإشارة إلى الجهود الإنسانية قائلاً: «بفضل القيادة الأميركية وجهود شركائنا وفّرنا ممراً آمناً للجرحى الفلسطينيين والأجانب للخروج من غزة».
أما أهداف العملية الإسرائيلية والإطار السياسي فسيحملها بلينكن إلى تل أبيب، في زيارة تتزامن مع خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وقال الناطق باسم بلينكن إنه سيبحث خلال جولته التي تشمل الأردن وتركيا وقطر، سبل «منع توسّع الصراع واستعادة الرهائن، وإيصال المساعدات الإنسانية»، كما «سيناقش مع المسؤولين الإسرائيليين أهدافهم العسكرية في غزة وخططهم لتحقيقها».
اعترف جيش العدو بمقتل 16 من جنوده في خلال أقل من 24 ساعة
وركّز الناطق باسم بلينكن على أنه «لا يمكن لحماس أن تستمر في حكم وإدارة غزة واستخدامها منصة للهجمات ضد إسرائيل»، مع إشارة إلى أنه «لا يمكن أن تحتل إسرائيل غزة، وأن مصير القطاع سيُناقش مع الفلسطينيين والشركاء في المنطقة»، وهو ما أكّد عليه لاحقاً مستشار الأمن القومي جون كيربي، الذي كرّر أن «حماس لا يمكنها المشاركة في حكم قطاع غزة في المستقبل، ونعمل مع شركائنا في المنطقة لاستكشاف الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الحكم هناك» موضحاً أن بلاده «لا تدعم توطيناً دائماً لسكان غزة خارج القطاع». لكنه كرّر موقف واشنطن بأن «الوقت ليس مناسباً الآن لوقف عام لإطلاق النار، لكن من الضروري وقف أعمال القتال لأسباب إنسانية».
في غضون ذلك، واصلت صنعاء ترجمة دخولها الرسمي في المعركة، وأعلنت القوات المسلحة اليمنية «إطلاق دفعة كبيرة من الطائرات المُسيّرة على أهداف عدة في عمق الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة. وقد وصلت إلى أهدافها»، مضيفة في بيان أنها «مستمرة في تنفيذ عملياتها العسكرية دعماً ونصرةً لمظلومية الشعب الفلسطيني واستجابة لنداءات ومطالب الشعب اليمني وكلّ شعوب الأمة وحتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على إخواننا في غزة الصامدة».
وفي لبنان، أُعلن عن رسالة من «مجاهدي المقاومة في لبنان إلى مجاهدي المقاومة في قطاع غزة» جاء فيها أن «يدنا معكم على الزّناد، نقاتل نصرةً لأقصانا ولأهلنا المستضعفين في فلسطين، فاضربوا منهم فوق الأعناق، واضربوا منهم كلَّ بنان وكونوا على يقينٍ أنّ شهداءكم وشهداءنا هم طريق القدس، حتّى يوم الفتح المبين».
وأعلن حزب الله أمس استشهاد الكشفي حسين عبدالله كوراني ( 16 عاماً) من بلدة ياطر الجنوبية، متأثّراً بجروح أصيب بها في غارة لمُسيَّرة إسرائيلية.
رواية الجنود عن قتال المقاومين: «يطلقون الصواريخ ويختفون»
روى جنود إسرائيليون يشاركون في المعارك البرّية داخل قطاع غزة، والتي بدأت منذ أيام، ملامح ممّا تعرّضوا له على أيدي المقاومين الفلسطينيين. جاء ذلك في أولى الشهادات التي ينقلها موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن جنود شاركوا في اشتباكات ومعارك برية داخل قطاع غزة. وقال الجنود في شهاداتهم إن المقاومين «يخرجون من الفتحات (بالأرض)، ويطلقون صاروخاً مضاداً للدبّابات أو يفتحون النار، ويعودون إلى النفق، ويغلقون غطاء حديدياً ويختفون». وأضافوا: «هناك نطاق كبير جداً من الفتحات الأرضية المصمّمة لضربنا وتأخير المناورة (البرية)». ووفقاً للموقع العبري، كشفت شهادات الجنود الإسرائيليين أن «منطقة القتال في قطاع غزة مشبعة بآلاف الفتحات الأرضية، التي تؤدي إلى شبكة أنفاق متفرّعة، تسمح لهم بالانتقال من منطقة إلى أخرى لمسافة أميال». وفي السياق، نقل الموقع عن مسؤولين عسكريين – لم يسمّهم – قولهم إن «القوّات (الإسرائيلية) تهدف إلى تدمير هذه الفتحات الأرضية، باستخدام (وسائل) التفجير والأدوات الهندسية المختلفة». ومن جهة أخرى، لفت التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي «يستخدم عدداً كبيراً جداً من الطائرات المُسيّرة من مختلف الأحجام، لإنتاج صورة واسعة ودقيقة قدر الإمكان للقوات في الميدان، ولنقلها إلى غرف قيادة العمليات»، وأردف: «الصورة التي يتمّ تشكيلها تُنقل أيضاً إلى وزارة الدفاع في تل أبيب، وتتيح فهم ساحة المعركة والاستجابة السريعة لأيّ حدث».