يشعر اليهود الأميركيون بـ«قلق متعاظم على أمنهم الشخصي»، انعكس خصوصاً في نتائج استطلاع للرأي أجراه «معهد سياسات الشعب اليهودي» بالتعاون مع وزارة الشتات الإسرائيلية، في إطار مشروع «صوت الشعب اليهودي» الذي أسّسه «JPPI»، و«المنظمة الصهيونية العالمية». وفي الاستطلاع الذي نشرت صحيفة «معاريف» نتائجه، بعد عرضه على المستويَين السياسي والعسكري، تبيّن أنه، في الأسبوع الثالث من العدوان على غزة، ارتفعت نسبة اليهود "الليبراليين"، الذين يقولون إن «الحرب تبعدهم عن إسرائيل». أمّا على مستوى الشعور بالتهديد، فذكر اليهود الأميركيون أن «الحرب تترك آثاراً سلبيّة على أمنهم الشخصي»، فيما ظَهرت نسبة الخوف الأعظم في صفوف المتديّنين و"الحريديم"، حيث بلغت 85%. وتقاطعت هذه النتائج مع ما أفادت به تلك الفئة، في الأسبوع الأول من الحرب، حين قالت إنها "قلقة" من تبعاتها، وخصوصاً على أمنها الشخصي، كما على يهود الولايات المتحدة عموماً، بعدما «تعاظَم الخطر الآن بشكل كبير وغير مسبوق». ورأى المستطلعون أن «تعزيز حضور القوات الشرطية في المؤسّسات اليهودية، وتحسين الدعاية الإسرائيلية في شأن أهداف الحرب، يمكن أن يقلّلا من مستويات القلق، ويجعلا اليهود أكثر أمناً». وبالنسبة إلى آثار الحرب على علاقة اليهود الأميركيين بإسرائيل، كشفت نتائج الاستطلاع انخفاضاً كبيراً في نسبة التقارب بين الطرفَين، بعدما تبيّن أن 46% فقط من اليهود الليبراليين يرَون أن الاحداث الجارية تقرّبهم من إسرائيل.وفي الموازاة، تكشّف أنه، في الأسبوع الثالث من العدوان، طرأ انخفاض طفيف على التأييد النشط لإسرائيل في صفوف المستطلعين؛ إذ ظَهر أن ثمة علاقة مباشرة بين الحفاظ على مستوى الدعم النشط، وزيارة دولة الاحتلال. وتفيد المعطيات بأن «الذين زاروا إسرائيل أكثر من مرّة، يدعمونها بشكل نشط أكثر من غيرهم، ويقلّ هذا الدعم في صفوف أولئك الذين لم يزوروا إسرائيل بتاتاً أو الذين زاروها مرّة واحدة فقط». وعلى مستوى التيارات الدينية، لوحظ انخفاض رئيسيّ في صفوف اليهود الذين ينتمون إلى "التيار الإصلاحي"، حيث قال 72% منهم، في الأسبوع الأول من الحرب، إن الأحداث تقرّبهم من إسرائيل، فيما انخفض هذا الرقم إلى 59%، في الأسبوع الثالث منها. وفي ما يخصّ التغطية الإعلامية، ادّعى 72% من المستطلعة آراؤهم أن «التغطية الإعلامية في وسائل الإعلام الأميركية متحيّزة ضد إسرائيل»، بينما قالت قلّة إن «التغطية منحازة ضدّ الفلسطينيين». ورأى ربع هؤلاء، ولا سيما في أوساط اليهود الليبراليين، أو الذين ينتمون إلى التيارات الدينية التقدّمية، أو الذين لا ينتمون إطلاقاً إلى أيّ تيار ديني، أن «التغطية موضوعية عموماً». كذلك، أَظهرت النتائج أن أكثر من ثلث «الليبراليين جدّاً» يعتقدون بأن التغطية «عادلة وموضوعية»؛ إذ بلغت نسبة هؤلاء 36%، 33% منهم رأوا أن التغطية «منحازة ضدّ إسرائيل»، و10% عدّوها «متحيّزة ضدّ الفلسطينيين».
تصاعدت الأحداث المعادية للسامية، بحسب وزارة الشتات، أخيراً، بنسبة 500%


وطبقاً لمعطيات الاستطلاع، فإن الحرب تتصدّر العناوين الرئيسيّة في الصحف وعلى شاشات التلفزة، منذ ثلاثة أسابيع، وهو ما انعكس أيضاً في خطاب يهود الولايات المتحدة. وذكر 90% من المستطلعين أنهم أجروا محادثات مع عائلاتهم وأصدقائهم اليهود، و25% فقط أجروا محادثات حول الحرب مع غير اليهود. إضافة إلى ذلك، تحدث المشاركون في الاستطلاع عن تزايد الانتقادات الموجّهة إلى الدعاية الإسرائيلية، في الأسبوع الثالث من الحرب، وهو ما يعود بشكل أساسي إلى «تآكل الانطباع الأولي في شأن "الفظائع التي ارتكبتها حماس"»، وانتقال إسرائيل من حالة الصدمة إلى الاستيعاب والهجوم؛ وأيضاً إلى التغيير في لهجة وسائل الإعلام الأميركية، وتعاظم الشعور العام بعدم الارتياح تجاه السياسات التي تنتهجها إسرائيل، وخصوصاً بين أولئك الذين يعرّفون أنفسهم كليبراليين».
وتعليقاً على ذلك، قال نائب رئيس "JPPI"، شوكي فريدمان، «من الواضح أن ثمّة ارتفاعاً كبيراً في الحوادث المعادية للسامية في الولايات المتحدة، والعالم، ما تسبّب في تزايد قلق اليهود على أمنهم الشخصي في أعقاب الحرب، بالتوازي مع تصاعد خطير في الانتقادات والكراهية الموجّهة ضدّ إسرائيل واليهود». وأضاف، وفق ما نقلت عنه الصحيفة، إن «ثمة قلقاً متعاظماً من أنه بدلاً من توحيد الجالية اليهودية، في خضم الحرب المستمرّة، فإن التغطية الإعلامية تنحاز ضدّ إسرائيل، وتجد الأخيرة صعوبة في قيادة الرأي العام حول سرديّتها... كل ذلك أدّى إلى تزايد العزلة بين اليهود الليبراليين بشكل خاص، وإسرائيل».
ما تقدم، تقاطع مع تقرير «مثير للقلق» أصدرته وزارة الشتات الإسرائيلية، وفيه كشفت عن ارتفاع بنسبة 500% في حوادث «معاداة السامية» في أنحاء العالم، بالمقارنة مع معطيات سابقة، وذلك على خلفية الحرب في غزة. وفي هذا الإطار، قال المدير التنفيذي للوزارة، آمر سكيلي، في مقابلة مع راديو «103 إف إم» الإسرائيلي، إنه «منذ السابع من تشرين الأول، نشهد مؤشّراً جديداً إلى تصاعد الأحداث المعادية للسامية، والتي ارتفعت أخيراً بنسبة 500%». وبحسبه، فإن «الأمر الأكثر مدعاة للقلق هو الارتفاع بنسبة 330% في الاعتداءات الجسدية على خلفية معاداة السامية من منطلقات قومية، سواء برفع الصلبان المعقوفة، أو بالاعتداء اللفظي أو الجسدي، أو حوادث أخرى كما شهدنا في مطار داغستان الروسية... نحن نتحدّث عن تصاعد هذه الحوادث بشكل خاص في أوروبا، ولا سيما في بريطانيا والنمسا وألمانيا». وتابع أن «جزءاً أساسيّاً من الخطاب المعادي المنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، يقوده 71% من العرب، الذين هم مواطنون في دول أوروبية والولايات المتحدة. ولكن إلى جانب ما تَقدّم، ثمّة تزايد مقلق في حوادث الاعتداءات الجسدية، وفي تهديد أبناء الجاليات اليهودية. ويحدث ذلك بشكل أساسي خلال التظاهرات المناصرة لفلسطين وحماس، والتي تُنظّم في أنحاء أوروبا... يجري الحديث عن تزايد عظيم جداً... نحن في وزارة الشتات، وفي هيئات إسرائيلية أخرى معنيّة بهذا الموضوع، نقدّر أنه كلّما تعمّقت الحرب وطال أمدها، فإن هذه الاعتداءات ستسجّل ارتفاعاً جديداً».
ورداً على سؤال في شأن الخطوات التي اتّخذتها وزارة الهجرة لمكافحة هذه الظاهرة، قال سكيلي: «نحن نتابع هذه المجريات يومياً، ونبلغ الجاليات عن الأماكن التي نعتقد بأنهم قد يتعرّضون فيها لاعتداءات من هذا النوع. نحن على تواصل مع مسؤولي الجاليات الذين يتواصلون بدورهم مع السلطات المحلية في الدول التي يقيمون فيها». ووفقاً لسكيلي، فإن «وزارة الشتات نجحت عن طريق قادة الجاليات، في إحباط 30 تظاهرة». فضلاً عن ذلك، فإنه «حتى قبل الحرب، كان هناك تنسيق بين الشرطة الإسرائيلية والشرطة في كلّ من ساو باولو، ولندن، وبرلين، ولا يزال هذا التنسيق قائماً من أجل تقديم الاستجابة اللازمة لأمن الجاليات اليهودية، كما نقوم من خلال وزارة القضاء بحظر وحذف المضامين المُحرّضة في الشبكات الاجتماعية».