القاهرة | من المفارقات التي كشفها الممثل الكوميدي المصري بيومي فؤاد (1965) عن نفسه أنه يذهب إلى معظم الأفلام والمسلسلات التي يشارك في بطولتها من دون قراءة مسبقة للسيناريو، أي إنّه يُلمّ بتفاصيل الدور والحوار المطلوب خلال وجوده في الاستديو لسبب بسيط، أنّ عدد الأعمال التي يوافق عليها لا يتيح له التحضير والتركيز على كلّ عمل. حتى إنّه ينفذ معظمها بطريقة «اليوم»، أي يتفق على أنه سيتفرغ ليوم أو يومين كاملين من أجل تصوير المشاهد، وخصوصاً في الأدوار غير الرئيسية، وينبغي لفريق العمل أن يجهز المطلوب في تلك الفترة وإلا قد يضطر للانتظار حتى يُنهي «أياماً» في أعمال أخرى ويعود لاستكمال ما تبقى. فؤاد هو في الأساس مرمّم آثار لا يحفظ معظم أدواره التي يتعامل معها باعتباره «عامل يومية»، حيث كل يوم يساوي مبلغاً محدداً، أياً كانت تفاصيل العمل. وصف الحالة التي فرضها الممثل واسع الانتشار على سوق الفن في مصر ومن بعده السوق الخليجي والسعودي تحديداً، ربما يفسّر موقفه من أزمة زميله محمد سلام الذي انسحب قبل عشرة أيام من مسرحية «زواج اصطناعي» (كتابة وإخراج محمد المحمدي ــ بطولة مي عز الدين وبيومي فؤاد وغيرهما) التي عُرضت ضمن «موسم الرياض» المقام حالياً. بينما عاد المصريون للانشغال بما يجري في غزة من جرائم وتناسوا لبعض الوقت ما يفعله النجوم في «موسم الرياض» الذي يستمرّ حتى 28 آذار (مارس) المقبل، أعاد بيومي فؤاد الأزمة إلى نقطة ما تحت الصفر عبر فيديو انتشرت نسخ منه متفاوتة الطول بطريقة غير رسمية، أي إنّه لم يبث عبر منصات الموسم أو الحسابات الرسمية للفنانين. في هذا الفيديو، يخاطب فؤاد الجمهور السعودي الذي حضر العرض الأخير من مسرحية «زواج اصطناعي» ومن دون تحضير مسبق لما يجب أن يُقال كأنه في موقع تصوير مسلسل سينساه قبل عرضه. وقع فؤاد في خطايا عديدة بدءاً من كونه يخاطب من لا يعنيهم الأمر، فالمصريون هم الذين ينتظرون تفسيراً من أبطال العرض وما سيليه من مسرحيات لإصرارهم على تقديم المسرحية الكوميدية. وأهل المحروسة ـــ عكس ما يدلس عليهم عمرو أديب ـــــ يعرفون جيداً الفارق بين الفن الجاد والهزلي، ولا يعارضون تقديم أعمال لا تتعارض مع الأحداث الدامية في غزة. كما أن الأعمال المستمرة في مصر لا تمنع نجومها من إبداء التضامن، عكس ممثلي «موسم الرياض» أولهم بيومي فؤاد الذي لم يذكر في كلمته حرف تضامن واحداً مع ما يجري في غزة. بدأ بيومي الكلمة منتقداً سلام من دون ذكر اسمه، مؤكداً على أحقية الأخير في الانسحاب من المسرحية لكن من دون أن ينتقد نوعية الفن الذين يقدمه زملاؤه على مسارح الرياض. ومن هنا بدأ سلسال الخطايا: أصر فؤاد على أنّه وزملاءه الصامتين خلفه يقدمون فناً لا ضحكاً من أجل الضحك، وأنه سعيد باستقبال الجمهور السعودي. وأشاد بموقف محمد أنور ــــ بديل محمد سلام في المسرحية ـــــ بل وضعه في جملة مفيدة مع نجيب الريحاني، باعتبار كل الكوميديانات واجهوا مواقف صعبة على مر التاريخ. وكرّر كلمة «كتّر خيركم» للحاضرين من دون أن يفهم أحد «كتر خيرهم على إيه»، ثم تجلّى مؤكداً أنه وزملاءه مستعدون لتقديم المزيد من العروض للمسرحية ذاتها من دون مقابل إذا طُلب منه ذلك.
شنّ حملة على زميله وصديقه محمد سلام على خلفية انسحابه من «موسم الرياض»


فور انتشار مقطع الفيديو، توالت ردود الأفعال الغاضبة التي حاسبت فؤاد على القديم والجديد كما يقول المثل المصري الشهير. بعضهم لم يندهش من الأداء المبالغ فيه ومن هجوم فؤاد على سلام رغم الصداقة التي تجمعهما، إذ يُعتبر فؤاد بالنسبة إلى هؤلاء مجرد ممثل باحث عن المال، وهو ما يتأكد من اختياراته. واندهش كثيرون من الشعبية التي حققها رغم تكرار الأداء في معظم المسلسلات، فيما ذهب آخرون إلى اعتبار أنّ كلمته استمرار للحرب شبه المعلنة بين القاهرة والرياض وأنّ هناك من رفض انتهاء المسرحية من دون رد مناسب على فيديو محمد سلام الذي أزعج السعوديين وبوقهم عمرو أديب. بل إنّ أديب لم يترك فؤاد يتلقى الضربات بمفرده، إذ خرج يدافع عنه باستماتة في حلقة برنامج «الحكاية» على «أم. بي. سي. مصر» أول من أمس الأحد، مؤكداً على أنّ المصريين متسامحون مع كل الفعاليات الفنية التي تحدث في مصر ومع حفلات غنائية أقيمت في أبو ظبي، لكن حساسيّتهم الكبرى هي مع الرياض من دون أن يجرؤ على تفسير تلك الحساسية، لكنّه توعّد المنتقدين بأن الموسم مستمر مهما ازدادت الهجمات.
أسهم الإنتاج الغزير لبيومي كثيراً في تسارع الحملة الموجهة ضده، ما بين تغيير اسمه إلى «بنيامين فؤاد» و«بيومي فتات» واستغلال مشاهد وأسماء أعماله للتعليق على موقفه من زميله ومن الجمهور المتحفظ ضدّ تلك المسرحيات عموماً، وخصوصاً شخصية د. شيحة في مسلسل «الرجل العناب»، إذ ظهر كنصف رجل ونصف حمار. وكان الانتشار الأكبر لصورته من فيلم لم يحقق نجاحاً يذكر، ويعتبر اسمه الأطول في تاريخ السينما المصرية. اسم جاء مطابقاً لخطاب بيومي المغازل للسعوديين «عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره فينتهي به الأمر إلى المهزلة».