القاهرة | مرة جديدة، تعود القوائم السوداء إلى الواجهة، مع تصاعد العدوان على غزة، ومواصلة آلة القتل الإسرائيلية في عقاب الشعب الفلسطيني بعدما نجحت عملية «طوفان الأقصى» في إحراج القيادات الصهيونية العسكرية، ووضع نتنياهو في مأزق كبير لا يستطيع الفكاك منه حتى الآن. الأساس لدخول القائمة السوداء، ليس السكوت عن الحرب في غزة كما يفعل كثيرون خصوصاً من الفنانين، لكن مهاجمة المقاطعة الاقتصادية للمنتجات أو عدم الاكتراث بما يحدث في غزة وإكمال بعض الفنانين جداول حفلاتهم كأنّ شيئاً لم يكن... كلها أسباب أساسية جعلت الجمهور المصري يُدرج أسماء كثيرة على القائمة السوداء التي ضمّت فنانين وإعلاميين في ظاهرة لم تعد إلى الواجهة على هذا النحو ربما منذ القوائم السوداء لـ «ثورة 25 يناير» 2011. حينذاك، كانت القائمة تضمّ أسماء مَن رفضوا الثورة وطالبوا بعودة الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى الحكم. أما القائمة السوداء الجديدة، فضمّت فنانين أمثال بيومي فؤاد ومحمد أنور، وإعلاميين أمثال عمرو أديب ولميس الحديدي، ورياضيّين أمثال محمد صلاح، ومنتجات عديدة، خصوصاً تلك التي تمتلكها علامات تجارية غربية تدعم شركاتها الأم إسرائيل في الحرب على قطاع غزة.
محمد صلاح


بيومي فؤاد

المقاطعة كانت القضية التي أُدرج من أجلها الإعلامي عمرو أديب وزوجته الإعلامية لميس الحديدي على القائمة السوداء، بسبب دعواتهما المتواصلة للامتناع عن المقاطعة والتهويل بضررها على الاقتصاد المصري والعاملين في هذه الشركات من مصريين على مدار سنوات طويلة. كما دخل القائمة الممثل المصري محمد أنور بعدما شارك في إحدى مسرحيات «موسم الرياض» بدلاً من الممثل محمد سلام الذي رفض السفر إلى السعودية وتقديم المسرحية «وسط القتل» الذي تشهده غزة. أما لاعب الكرة محمد صلاح، فيبدو أن الفيديو الذي نشره حول ما يحدث في قطاع غزة لم يكن مرضياً للجمهور، خصوصاً أن المنتقدين اعتبروا أنّه ساوى بين القتلى من الجانبين. لذا لم يعد لأخباره هذه المدة ذلك البريق الذي كانت تصل إليه قبل أحداث غزة.
السعودية كان لها نصيب كبير في القائمة السوداء بسبب موقف المملكة من الأحداث في غزة منذ بدايتها. يأتي «موسم الرياض» الترفيهي على رأس هذه الأحداث التي رآها الجمهور «ترفيهية» توضح موقف السعودية من غزة والمقاومة. أصرّت السعودية على مواصلة «موسم الرياض» في حين لم تحضر فلسطين فيه بأي شكل من الأشكال لو بكلمة تضامنية. لذلك اعتبر الجمهور أن الموسم كله بحفلاته وأحداثه يستحق أن يكون في القوائم السوداء. ومن السعودية أيضاً دخلت المنصات الإلكترونية إلى القوائم السوداء. منصة «شاهد» التي تمتلكها المملكة، وضعها المتابعون أيضاً ضمن القائمة، لأنّهم يرون أن مواقف المملكة منذ بداية أحداث غزة، ليست كما يجب. كذلك زاد من مقاطعة المنصة الحديث عن إمكانية إلغاء التعاقد على عرض المسلسل الكوميدي الشهير «الكبير» في جزئه الثامن الذي يصوَّر حالياً لعرضه في شهر رمضان المقبل. وقامت المنصة بذلك لأنّ أحد أهم أبطال المسلسل في كل مواسمه كان الممثل محمد سلام، وهو مشارك في الموسم المقبل أيضاً.

عمرو أديب

مشرف موسم «التهليل» في الرياض تركي آل الشيخ دخل أيضاً ضمن القائمة السوداء، ليس فقط لأنه مهندس الموسم الترفيهي الذي يمتنع عن أي إشارة لما يحدث في غزة، حتى إنّ المتابع لما يحدث يشعر أنّ «بوناصر» كما يلقّب، يقيم كل هذه الحفلات نكايةً بكلّ من تهمّه القضية الفلسطينية برمتها، أو كون عملية «طوفان الأقصى» وما تلاها من أحداث أوقفا تطبيع بلاده مع العدو، لكن أيضاً لأنه يعادي كل من يحاول أن يقول كلمة من أجل فلسطين مثلما فعل مع محمد سلام.
وعلى ذكر «موسم الرياض»، يأتي بيومي فؤاد في القائمة السوداء التي دخلها إثر وصلة نفاق للمملكة وموسمها الترفيهي، مهاجماً مواطنه محمد سلام الذي رفض القدوم إلى العرض المسرحي تزامناً مع الحرب على غزة. ودعا الجمهور إلى مقاطعة بيومي فؤاد وأحد مشاريعه الخاصة في القاهرة. الأسود ليس اللون الوحيد لقوائم الجمهور، بل كتبت قوائم أخرى بيضاء لعدد ممن ساندوا غزة في مآسيها من بينهم باسم يوسف الذي نال رضى كبيراً من المتابعين بعدما خرج لمرتين مع المذيع بيرس مورغان، مفنّداً مسألة التوطين التي يريدها الغرب وأميركا لفلسطينيي غزة في سيناء ومهاجماً الادعاءات الإسرائيلية والغربية تجاه القضية الفلسطينية وقطاع غزة.
خاب الجمهور من محمد صلاح الذي ساوى بين الضحية والجلّاد

محمد سلام وجد طريقه أيضاً إلى القائمة البيضاء بعد خروجه في فيديو يعلن فيه امتناعه عن الذهاب إلى «موسم الرياض»، لتقديم مسرحيته «زواج اصطناعي»، قائلاً إنّه لا يستطيع فعل ذلك بينما يُقتل الفلسطينيون في غزة، وهو ما أثار موجة تضامنية كبيرة مع الفنان المصري الذي هوجم بشدة من السعوديين على منصة «إكس»، ومن رئيس مجلس إدارة «الهيئة العامة للترفيه» في المملكة تركي آل الشيخ. كما أضيف إلى القائمة الممثل أحمد مكي بعد فيديو يتحدث فيه عن القضية الفلسطينية وأساسها التاريخي والاعتداء الإسرائيلي على أراضي فلسطين. وكان المصري «ويجز» أحد المطربين الذين التزموا بتعهداتهم وعقودهم لكن من دون أي تدنيس لتاريخه الفني. إذ حوّل الحفلة التي أحياها في كندا إلى تظاهرة تضامنية مع فلسطين التي قال إنه يدعمها بصورة كاملة ليهتف بعدها: «الحرية لفلسطين»، ويهتف بعده الجمهور بالإنكليزية Free Palestine. ثم خرج الرابر المصري في حوار مع قناة «الجزيرة» ليتحدث عن القضية الفلسطينية، داعياً الشعب الأميركي للنظر مرة أخرى في الضرائب التي يدفعها، والتي تذهب إلى إسرائيل لتقتل بها الشعب الفلسطيني. كانت طريقة ويجز فعالة جداً، فهو لم يلغِ العقود التي وقّعها، ولكنّه في الوقت نفسه لم يخذل الجمهور، فكانت القائمة البيضاء في انتظاره.