في اليوم الـ 34 من الحرب المستمرّة على قطاع غزة، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته المكثّفة على مناطق متفرّقة من القطاع، فيما استمرت فصائل المقاومة الفلسطينية في التصدّي لقواته المتوغّلة في محاور التقدم الأساسية، خصوصاً في محورَي الوسط جنوب مخيم الشاطئ، والشمال الغربي شمال المخيم، وشرقاً باتجاه أطراف حيّي الصفطاوي والشيخ رضوان، حيث تكبّد العدو خسائر فادحة، إذ دمّرت المقاومة عدداً كبيراً من دباباته وآلياته العسكرية، وقتلت المزيد من جنوده، وفق إعلان رسمي إسرائيلي.

وليل الأربعاء - الخميس، توغّلت قوة إسرائيلية مؤلّلة في اتجاه مخيم جباليا للاجئين في شمال القطاع، وخاضت اشتباكات عنيفة مع مقاومي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». واستمرّت المعركة، بحسب الجيش الإسرائيلي، نحو 10 ساعات، نجح بعدها العدو بالدخول الى معسكر علني للمقاومة، وقام بتجريفه بحثاً عن مداخل أنفاق تحت الأرض. ويحاول العدو الترويج لكل تقدّم يحرزه، ولو كان بالأمتار، وتكبّد جراءه أثماناً كبيرة، على أنه إنجاز كبير ونوعي. وكذلك الحال، إذا تمكّن من الوصول إلى أي موقع للمقاومة، من مواقعها العلنية الكثيرة، والمنتشرة في كل أنحاء قطاع غزة. كما بدأ العدو برفع سواتر ترابية لحماية آلياته ونقاط تجمّعه الثابتة داخل قطاع غزة.
ويُتوقّع أن يستكمل العدو الضغط والتقدّم، بالاعتماد على فرقتين مدرّعتين، من الجهة الشمالية الغربية، أي من شاطئ غزة الرملي وصولاً إلى برج المخابرات وأطراف الشيخ رضوان، والجهة الجنوبية الغربية، أي من شارع الرشيد وصولاً إلى أطراف حيَّي الشجاعية والزيتون، لاستكمال محاولات الاختراق باتجاه قلب مدينة غزة. وبعد نجاحه بالوصول إلى أطراف مخيّم جباليا، سيعمد إلى إعادة تنشيط محور التقدّم من مخيم بيت حانون حتى مخيم جباليا. وقد أعدّ لذلك بالفعل، من خلال استدعاء مزيد من القوات إلى هذه المحاور أمس.
وفي المنطقة الوسطى، يعمد العدو إلى التقدّم شمالاً باتجاه وسط غزة، بعدما تمكّن من تحقيق تماس مع حيَّي الزيتون والشجاعية. وحراك العدو على هذا المحور، يهدف بشكل خاص إلى تشتيت جهود المقاومة، وتوسيع تأمين قواته في المقبرة الشرقية، وفي منطقة جحر الديك.
أصبح ميناء غزة هدفاً رئيسياً للقوات المهاجمة لتحقيق صورة انتصار


وبشكل عام، يحاول العدو الوصول إلى منزل رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ، وإلى مستشفى الشفاء حيث الثقل الأكبر للنازحين وللجهود الطبية والإغاثية. لكن ما بدا جديداً خلال اليومين الماضيين، هو السعي للوصول إلى ميناء غزة الذي يبدو أنه أصبح هدفاً رئيسياً للقوات المهاجمة، حيث يعتقد العدو أن الميناء مناسب لتحقيق صورة نصر.
وأعلنت «كتائب القسّام» أمس استهدافها دبابة على محور التوام بقذيفة ياسين 155، وأخرى شمال الشيخ رضوان، وواحدة في محور شمال غرب غزة، إضافة إلى 3 آليات وجرافة على أطراف مخيم الشاطئ. كما أوقع مقاومو «القسّام» قوة إسرائيلية راجلة في كمين محكم في جحر الديك، واستهدفوا جنودها بقذيفة ضدّ الأفراد، وأجهزوا عليهم من مسافة صفر. وأعلنت «القسام» قصف قاعدة رعيم العسكرية في غلاف غزة، ومدينة أسدود، برشقة صاروخية. ومن جهتها، أعلنت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، قصف تجمّع لآليات العدو المتوغّلة غرب مجمع أنصار في غزة، بعدد من قذائف الهاون. كما قصفت تجمّعاً لآليات العدو قرب موقع الـ 17 شمال غرب غزة، بقذائف الهاون.
من جهة أخرى، أعلنت «كتائب القسّام»، أمس، مقتل الأسيرة المجنّدة فاؤول أزاي مارك أسياني (19 عاماً) من مستوطنة موديعين، وإصابة جندي أسير إصابةً متوسّطة في قصف صهيوني استهدف قطاع غزة، وأعلنت أنها ستصدر لاحقاً مادة توثّق صحة هذا الإعلان. وأعلن أبو حمزة، الناطق باسم «سرايا القدس»، استعداد السرايا للإفراج عن مسنّة وفتى إسرائيلييْن، لأسباب إنسانية. وفي كلمة مصوّرة، قال أبو حمزة: «نعلن استعدادنا للإفراج عن حنا كاستير، والفتى ياغيل يعقوب، لأسباب إنسانية وصحية». وأضاف أبو حمزة، أننا «نُخلي مسؤوليّتنا تجاه أسرى العدو في ظل القصف الهمجي على كل شبر في غزة». كما عرض الإعلام الحربي التابع لـ«سرايا القدس»، مقطعاً مصوّراً ظهر فيه الأسيران.
وفي حين أعلن البيت الأبيض موافقة تل أبيب على هدنة مؤقتة يومية، تستمرّ لأربع ساعات في شمال القطاع، أكّدت مصادر المقاومة الفلسطينية أنها «لم تحسم موقفها بعد من الهدنة المزعومة»، مشيرةً إلى أن «العدو يمارس ألاعيب لعرقلة المفاوضات حول هدنة تستمرّ أياماً، ويجري خلالها إطلاق سراح أسرى أجانب، وإدخال مساعدات غذائية وإنسانية إلى قطاع غزة، شماله وجنوبه». ويهدف العدو من خلال تعطيل هذا الشكل من الهدنة، إلى طرح شكل مختلف، هدفه، بحسب مصادر في المقاومة، «استكمال مخطّط تهجير أهالي شمال قطاع غزة، بعدما فشل في ذلك من خلال المجازر وقصف البيوت والمستشفيات».