على باب صيدلية الخلفاء، التقينا المسنّ أبو محمود. بدا الرجل منهكاً وقد فتك به السعال. يقول في حديثه إلى «الأخبار»: «منذ ساعتين وأنا أبحث عن دواء الضغط والسكري. توجهت إلى سبع صيدليات، فوجدتها إما مغلقة أو مدمرة أو لا يتوفر عندها الدواء المقصود. أنا وزوجتي المريضة بالسكري والسرطان، نموت ببطء». في شمال غزة، حيث مخيم جباليا للاجئين، زاد انسحاب طواقم «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» الطين بلّة؛ إذ إن أكثر من 100 ألف مواطن يعتمدون في علاجهم على الدواء الذي تصرفه «أونروا» التي انسحبت في وقت مبكر من هناك، وتركت عيادتها ومخازنها مغلقة، لتقوم الطائرات الحربية بتدميرها. يقول أبو عاصم، وهو مشرف متطوع على مركز إيواء في مخيم جباليا: «في المدرسة التي أشرف عليها، هناك أكثر من 1000 مريض بأمراض مزمنة. هم فقراء. كانوا يعتمدون في علاجهم على ما تؤمنه وكالة الغوث. حاولنا توفير ما يحتاجونه من أدوية، ولم نفلح. أما الأطفال، فتتواصل معاناة أمهاتهم معهم. طوال الليل والنهار ترتفع حرارتهم، ويصابون بالتسمم من شرب الماء الملوث، ولا دواء».
في مخيم جباليا، يكثر الحديث عن موت مرضى الأمراض المزمنة بسبب نقص الدواء
في المخيم، يكثر الحديث عن موت مرضى الأمراض المزمنة بسبب نقص الدواء. من تتدهور حالته، ليس بوسع ذويه إلا الدعاء له بالرحمة مبكراً، لأن المستشفيات مشغولة باستقبال المئات من المصابين والشهداء على مدار الساعة، فيما لا رعاية طبية طارئة لأحد. يقول عماد أبو الدهن، وهو مواطن يرعى والده المريض بالسرطان: «وصل والدي إلى مرحلة متأخرة جداً. لا أطباء يمكنهم أن يكشفوا على حالته. أبدأ نهاري بالبحث عن أي نوع من أنواع المسكنات ليخفف عنه الألم، إلى أن يتولاه الله برحمته. لم أتصور في يوم من الأيام أن أتمنى له الموت ليرتاح من عذابه، لكن العجز قاسٍ. ليس بوسعنا أن نفعل