القاهرة | فيما تواصلت جهود إتمام صفقة تبادل الأسرى بين حركة «حماس» وكيان الاحتلال الإسرائيلي، للوصول إلى خواتيمها، بات واضحاً استمرار وجود تعقيدات، ليست على أيّ حال كفيلة بتطيير الاتفاق. وأفادت مصادر مصرية، «الأخبار»، بأن جهود الوساطة في سبيل التوصّل إلى الهدنة، سجّلت، أمس، اتّصالات مكثّفة، ولا سيما في شأن ضرورة الالتزام الإسرائيلي بعدم إرسال أيّ مُسيّرات لتتبّع مسيرة الأسرى، أو الأماكن التي كانوا متواجدين فيها، وهو الأمر الذي شدّد الجانب المصري على ضرورة تحقّقه. وأكّدت المصادر أن الضغوط على المستوى الداخلي الإسرائيلي، لعبت دوراً كبيراً في تسريع وتيرة التفاوض بعد جمود استمرّ لوقت طويل، وتعنُّت أبدته سلطات الاحتلال، التي تحلّت، فجأة ومرّة واحدة، بمرونة كبيرة، وإنْ ظلّت تكرّر أن الهدنة المؤقتة لا تعني انتهاء الحرب على قطاع غزة.إلا أن تلك الاتصالات التي جرت على مستوى استخباري، رافقها توتّر سياسي بين القاهرة والفصائل الفلسطينية، على خلفية ما تراه مصر «عدم التقدير الكافي» من الجانب الفلسطيني لِما تقوم به من جهود، بينما تواصل هي، بحسب ما تدافع به، «تأكيدها الرسمي رفض عمليات التهجير المقترحة والتي تدعمها إسرائيل بشكل واضح لإخلاء قطاع غزة»، فضلاً عن «تدخُّل» أجهزتها الاستخبارية في سبيل التوصّل إلى هدنة، بناءً على طلب نظيرتها الإسرائيلية، على رغم حالة التوتّر السياسي بين القاهرة وتل أبيب، والتي طغت على علاقاتهما منذ بدء الحرب.
على أن ما تعمل عليه القاهرة، اليوم، بالشراكة مع الدوحة، وفق المصادر، يتمثّل في «مسار سياسي» يساهم في تسهيل «مَهمّة الأطراف العربية الضاغطة لوقف الحرب، في ظلّ الادّعاءات الإسرائيلية المستمرة بأن إنهاءها اليوم سيشكّل فرصة لحماس من أجل إعادة بناء قواتها والهجوم مجدداً على إسرائيل». وترى كلّ من مصر وقطر أن «المسار» الذي يسهّل الغاية المذكورة، يتمثّل في «تولّي السلطة الفلسطينية الحالية إدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، عبر تفاهمات داخلية تجريها السلطة مع حماس».
وكانت الجهود المصرية نجحت في إدخال مزيد من شاحنات الوقود والمساعدات إلى القطاع، أكثر ممّا جرى الاتفاق عليه سابقاً، فيما تسعى، في سياق تلبية الحاجة إلى مزيد من المساعدات الإنسانية، على تكثيفها من خلال زيادة أعداد الشاحنات التي تدخل عبر معبر رفح. وفي هذا الجانب، طلبت مصر من السعودية والإمارات خصوصاً، تكثيف معوناتهما، مبديةً استعدادها الكامل لتجهيز عمليات الاستقبال عبر مطار «العريش»، فيما وعدت الدوحة بإرسال مساعدات إضافية خلال الأيام المقبلة، على أن يُعمل على تشغيل «المستشفى الإماراتي الميداني» داخل القطاع في أقرب وقت.
وإلى التسهيلات التي قدّمتها مصر في شأن عملية إجلاء مرضى ومصابين للعلاج في تركيا والإمارات، فهي وعدت بمزيد من التسهيلات لعمليات خروج وسفر الفلسطينيين الراغبين في ذلك، ممّن لديهم الأوراق الثبوتية اللازمة (جوازات سفر ثانية)، على أن يتم ترحيلهم من مصر فقط، وهو أمر ستكون له الأولوية في الأيام المقبلة.
وفي الموازاة، تعمل القاهرة - في الشقّ الذي يمسّ «أمنها القومي» - في ظلّ الضغوط الإسرائيلية «غير المسبوقة»، والتوتّر الكبير الذي تشهده العلاقات المصرية - الإسرائيلية، على ممارسة «ضغوط معاكسة على الولايات المتحدة لإيقاف مخطّط إسرائيل المتمثّل في تدمير مناطق كاملة في قطاع غزة لإعادة بنائها وهيكلتها وفق رؤية إسرائيلية خالصة تضرّ بالأمن القومي المصري»، وفق المصادر. وبدت لافتةً، في هذا السياق، محاولة القاهرة الابتعاد عن واشنطن، سواء بدعم جهود زيارات الوفود الإسلامية للصين وروسيا قبل التوجّه غرباً، أو العمل للحصول على دعم تحالف «بريكس» الذي عقد قمة افتراضية طارئة، أمس، بمشاركة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.