بغداد | هدّدت «المقاومة الإسلامية في العراق»، الولايات المتحدة، بشنّ هجمات على قواتها في العراق بهدف طردها من البلاد، متوعّدة بالثأر لمقاتليها الذين استشهدوا قبل ثلاثة أيام في غارات أميركية استهدفت مقرّات تابعة لـ«الحشد الشعبي». وأكّدت قيادات الفصائل جاهزيّتها للمواجهة المباشرة مع القوات الأميركية، في حال لم تشرع الحكومة في تنفيذ قرار البرلمان الذي يقضي بإنهاء الوجود الأجنبي على أراضي البلاد. وكانت طائرات أميركية نفّذت، الثلاثاء وفجر الأربعاء، سلسلتَين من الهجمات ضدّ مقرّات لـ«الحشد» في غرب بغداد وفي ناحية جرف الصخر شمال محافظة بابل، ما خلّف 8 شهداء على الأقلّ وعدداً من الجرحى ينتسبون إلى «كتائب حزب الله» و«حركة عصائب أهل الحق»، وذلك في إطار انتقام أميركي من هجمات بالطائرات المُسيّرة والصواريخ، نفّذتها المقاومة ضدّ القواعد والمنشآت الأميركية في سوريا والعراق نصرةً لقطاع غزة.وكانت مصادر سياسية قد تحدّثت عن أن السفيرة الأميركية في بغداد، ألينا رومانوسكي، أبلغت رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوادني، في لقائها معه قبل يوم واحد من الهجمات، بأن «المهلة انتهت، وأن واشنطن لن تسكت عن استهداف المقاومة لقواعدها في سوريا والعراق بشكل يومي». وفي المقابل، عدّت الحكومة العراقية القصف الأميركي «تجاوزاً مرفوضاً على السيادة»، مشيرةً، في بيان أول من أمس، إلى أن القصف الذي استهدف جرف الصخر جرى من دون علمها، مؤكدةً أنها «المعنيّة حصراً بتنفيذ القانون، ومحاسبة المخالفين، وهو حقّ حصري لها، ولا يحق لأيّ جهة خارجية أداء هذا الدور نيابة عنها، وهو أمر مرفوض وفق السيادة الدستورية والقانون الدولي».
بدورهم، جمع عدد من أعضاء مجلس النواب تواقيع نيابية حول مقترح قانون لمقاضاة الولايات المتحدة عن الجرائم المرتكبة في العراق. كما جدّد البرلمان دعوته الحكومة إلى تطبيق قراره الذي ينص على إخراج القوات الأجنبية.
وفي هذا الإطار، يرى القيادي في «كتائب حزب الله»، حمزة العقابي، أن «الحرب في غزة هي نفسها في العراق، لأنها حرب أميركية وليست حرباً إسرائيلية، الكيان زرعته أميركا لصناعة الشر في المنطقة وتفتيتها». ويبيّن العقابي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «رسائلنا واضحة وصريحة. فمثلما وقفت الفصائل والحشد الشعبي والمقاومة وقفة جادّة لطرد داعش والحفاظ على أمن الوطن والشعب، اليوم نجد أن هذا الحشد يضحّي بنفسه وبكلّ ما يملك من أجل الحفاظ على هذا الوطن. والحشد لديه رسائل كثيرة، منها إنهاء وجود القوات الأميركية في العراق لأن وجودها يسبّب زعزعة استقرار المنطقة، فضلاً عن أن الوجود الإسرائيلي، هذه الغدّة السرطانية، لا بدّ من أن تزول». ويؤكد أن «ردّ الفصائل قائم، وفصائل المقاومة شاركت بشكل واضح وصريح تحت مسمّى المقاومة الإسلامية في العراق. أمّا التصعيد فيحتاج إلى دراسة، وقادة الفصائل لديهم إستراتيجية معيّنة لمواجهة هذا العدوان».
ويشير عضو مجلس النواب، سعود الساعدي، من جهته، إلى أن «البرلمان عبّر عن موقفه بشكل واضح، عبر رفض هذا التجاوز والاعتداء على القوانين العراقية والقوانين الدولية»، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «هذه القوات انتهكت السيادة وتجاوزت مهامها التي من المفترض أن تقوم بها تحت عنوان الاستشارة والتدريب، وليس قصف مقرّات الحشد الشعبي والقوات الأمنية». ويدعو الساعدي الحكومة إلى «تطبيق قرار البرلمان الذي يدعو إلى خروج القوات الأميركية من العراق»، مقترحاً أن «تكون عمليات التدريب والاستشارة للقوات الأمنية من الأردن الذي تمتلك فيه واشنطن قواعد عسكرية». ويلفت إلى أنه جمع «عدداً من التواقيع داخل البرلمان لمقاضاة الولايات المتحدة، وذلك نتيجة انتهاكها للسيادة العراقية والقوانين الدولية».
دعت «العصائب» إلى محاصرة قواعد الاحتلال بالقوة العسكرية أو بالتظاهرات للضغط على الحكومة لإخراجه


أمّا القيادي في «الإطار التنسيقي»، علي حسين، فيرى أن «التجاوزات الأميركية بحق قوات الحشد الشعبي، ولا سيما في جرف الصخر، وقبلها بحق القائدين الشهيدين أبي مهدي المهندس والحاج قاسم سليماني، سيكون ثمنها باهظاً وعقابها شديداً». ويعرب حسين، في حديث إلى «الأخبار»، عن اعتقاده بأن «ضربات فصائل المقاومة لن تتوقّف، وستكون أقوى، وستطاول مساحات وأهدافاً أكثر عمقاً من ذي قبل»، مؤكداً أن «فصائل المقاومة باتت تمتلك أسلحة متطوّرة تستطيع بواسطتها مواجهة الاحتلال الأميركي وإلحاق الخسائر بجنوده في العراق والمنطقة عموماً». ولا يستبعد القيادي أن يكون «هناك تصعيد ضدّ الأميركيين، ولا سيما أن زعماء الفصائل، كالشيخ قيس الخزعلي، وحتى القيادات الكبيرة، قالوا كلمتهم وتعهّدوا بالردّ وإنزال العقاب فيهم، وربّما ستكون هناك عمليات عسكرية ضدّ مصالح الأميركيين لغرض طردهم تماماً» من العراق.
وفي الاتجاه نفسه، يعتبر النائب عن كتلة «الصادقون» النيابية، الجناح السياسي لـ«حركة عصائب أهل الحق»، «أنه لا توجد قوات استشارية أو تدريبية في العراق، بل هي لغرض قتل العراقيين وأبناء الحشد الشعبي». ويرى، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «على جميع العراقيين والفصائل أن يستهدفوا القواعد الأميركية بقدر ما يستطيعون، وأن يحاصروا قواعد الاحتلال سواء بالقوة العسكرية أو بالتظاهرات للضغط على الحكومة لإخراج تلك القوات». ويؤكد أن «البرلمان ستكون له وقفة جادّة ومواقف مهمّة لغرض التخلّص من القوات الأجنبية، التي تقتل العراقيين كما تقتل القوات الإسرائيلية أبناء فلسطين بدم بارد».