أكثر من عشر ساعات من التجوّل في أحياء شمال ومدينة غزة، والدمار على مدّ البصر
أيضاً، تعرّضت ثلاث مدن أخرى، هي العودة غربي مدينة بيت حانون، والندى غربي عزبة بيت حانون، وأبراج الإسراء شمال بيت لاهيا، للتدمير نفسه، حيث لم تسلم أيّ وحدة سكنية فيها من التخريب الممنهج والمهول. والمشهد ذاته يتكرّر في أحياء السكة وشعشاعة ومدينة بيت حانون ومشروع بيت لاهيا والصفطاوي والجلاء والشيخ رضوان والنصر والشاطئ. أمّا في مستشفى «الإندونيسي» الذي داهمته الدبابات الإسرائيلية في تمام الساعة الثانية من فجر ليلة الخميس - الجمعة، فليس ثمّة ما يمكن أن تراه، سوى جثامين الشهداء الملقاة في مناطق المستشفى كافة. يروي الدكتور منير البرش الذي خرج من مستشفى «الشفاء» عقب حصاره، إلى «الإندونيسي» حيث عايش حصاراً آخر فيه، في حديث إلى «الأخبار» تفاصيل لحظات الاقتحام الرهيبة. يقول: «بدأت الدبابات بقصف بوابات المستشفى، ثمّ أرسلوا العشرات من طائرات الدرونز المسلّحة بالرصاص، وتنقّلت تلك في باحة المستشفى وممرّاته، ثمّ داهمت الدبابات الباحة بغرض التخريب. قتلوا ثلاثة من المرضى واعتقلوا آخرين، ثمّ غادروا»، ويلفت إلى أن «أكثر من 400 بين مريض ونازح وأفراد طاقم طبي عاشوا ساعات عصيبة»، مؤكداً أنه «لا أهداف عسكرية سوى إخراج المستشفى عن الخدمة».
أكثر من عشر ساعات من التجوّل في أحياء شمال ومدينة غزة، والدمار على مدّ البصر. مقوّمات البقاء في تلك المناطق تضاءلت إلى الحدّ الأدنى. يمكنك أن تفهم سريعاً أن جيش العدوّ تحوّل إلى ما يشبه عصابات مستوطني «تدفيع الثمن» التي تنشط في أحياء الضفة الغربية. مع ذلك، وعلى الرغم من أن الغزيين كافة دفعوا ثمناً مريعاً في هذه الحرب، وأنهم سيتناقلون جيلاً بعد جيل هول ما عايشوه في تشرينَي الأول والثاني من عام 2023، إلّا أن كيّ الوعي و»التغيير الثقافي» اللذين يتطلّع إليهما العدوّ في القطاع لا يبدوان متحقّقين، ولو كرهت إسرائيل هذه الحقيقة.