القاهرة | فيما تراجع الزخم المحيط بالسباق الانتخابي المصري، على خلفية حرب غزة، وإقصاء المرشح المعارض أحمد طنطاوي، ورفض الأحزاب المعارضة المصرية الدفع بمرشّح في الانتخابات أو تأييد المرشح فريد زهران، رئيس «الحزب المصري الديموقراطي»، تسابق الإدارة المصرية الزمن لحشد التصويت، وسط مخاوفها من تدنّي نسبة المشاركة وخاصة في الخارج، بعدما رُفِعت تقارير إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الأيام الماضية، تحذّر من ذلك. واستقبل السيسي تلك التقارير بقلق، في ظلّ رغبته في إظهار طوابير انتخابية أمام مقرات التصويت، وأن تشهد الانتخابات تنافساً بينه وبين سائر المرشحين. ولذا، فهو وجّه بضرورة العمل على تسهيل تصويت المغتربين، عبر تقديم حوافز مادية لهم من أجل التوجه إلى صناديق الاقتراع، وهو ما سيجري تنفيذه بالتنسيق بين أعضاء الجاليات ومسؤولين في وزارة «الهجرة»، التي بدأت بالفعل إجراء اتصالات مكثّفة، توازياً مع رصد «ميزانيات مفتوحة» لحشد المصريين المغتربين، في الانتخابات المقرّر إجراؤها في السفارات والبعثات المصرية في الخارج في الأيام الثلاثة الأولى من شهر كانون الثاني المقبل.وبحسب مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن مخاوف العزوف عن المشاركة، خاصة في دول الخليج والولايات المتحدة وكندا، «تؤرق بشكل كبير مسؤولي الانتخابات الذين يعوّلون على نجاح عمليات الحشد في مقابل مزيد من التسهيلات، وإنهاء أوراق المصريين المغتربين بالتزامن مع توجههم إلى القنصليات والسفارات من أجل التصويت». وتُضاف إلى تلك المخاوف، هواجس تدنّي المشاركة الشعبية عموماً في عملية التصويت، إذ أشارت تقارير «تقدير الموقف» المقدّمة إلى السيسي، إلى تراجع الاهتمام بالانتخابات بشكل عام، وفق استطلاعات الرأي غير المعلنة، والتي أظهرت احتمالية تسجيل نسب تصويت أقلّ من تلك التي شهدتها انتخابات 2018، على رغم وجود نحو 8 ملايين ناخب أضيفوا إلى قاعدة بيانات الناخبين، بعد استحصالهم على حق التصويت.
وعلى خلفية ما تقدّم، بدأت عمليات تحشيد الناخبين للمشاركة في التصويت في الانتخابات، وذلك عبر مسارات عدة، وبالتنسيق مع رجال الأعمال وكبرى الشركات، فيما يعمل حزب «مستقبل وطن»، الذي يدعمه جهاز المخابرات بشكل مباشر، ويتبنى تنفيذ حملة دعائية ترويجية مكثّفة للسيسي، على حشد الناخبين مقابل توزيع «كراتين غذائية» وأموال يتكفّل بها نواب برلمانيون. ووفق مصادر «الأخبار»، فإن نحو ثلاثة ملايين صوت على الأقل سيتم تأمينها من عمال المصانع والعاملين في بعض المشاريع، بحسب قوائم أسماء جرى تجهيزها، بعد وصول تعليمات إلى عدد من الجهات الحكومية بالضغط على الموظفين للإدلاء بأصواتهم، وإظهار الحبر الفوسفوري أمام مديريهم.
وبينما تحاول أجهزة الدولة ادّعاء التزام الحياد في الانتخابات الرئاسية، تشير عدة تصريحات رسمية إلى دعم تلك الأجهزة السيسي علانية في الانتخابات الرئاسية، فيما سُمِح للمرشحين الراغبين في لقاء الناخبين بذلك، وهو ما تلقّفه المرشح فريد زهران وأعضاء حملته الانتخابية الذين يكثّفون من مثل هذه اللقاءات. وإلى جانب زهران، ثمّة اثنان من المنافسين للرئيس، وهما رئيس حزب «الوفد» عبد السند يمامة، ورئيس حزب «الشعب الجمهوري» حازم عمر، إلا أن كليهما نفّذا حملات دعائية محدودة اقتصرت على بعض اللقاءات مع الناخبين، ما عكس عدم جديّتهما في خوض السباق الانتخابي.
بالنتيجة، يراهن النظام على قدرته على الحشد لإظهار إحكام السيطرة على الداخل، والحصول على المزيد من الامتيازات الدولية خلال الفترة المقبلة، فيما تشكل مسألة نسبة المشاركة تحدياً حقيقياً في ظل المضايقات التي رُصِدت خلال فتح باب الترشح للانتخابات، وأعاقت تقدم السياسي المعارض أحمد طنطاوي لخوض السباق. وبالتزامن، تواصل الدولة رصد تقارير المنظمات الحقوقية الدولية للتعامل معها، وخاصة التقرير الأخير الصادر عن «منظمة العفو الدولية» الذي تطرق إلى عمليات القمع خلال الانتخابات.
إنسرت: