القاهرة | حقّقت الدعوات الشعبية إلى مقاطعة «الماركات» العالمية في مصر، خلال الأسابيع القليلة الماضية، استجابةً على نطاق واسع، دفعت عدداً من الشركات إلى إعادة النظر في هيكل عمالتها، واللجوء إلى الحكومة المصرية لتحسين صورتها أمام الرأي العام المحلّي، باعتبارها شركات مصرية خالصة، علماً أن سلسلة من العروض الترويجية فشلت في تحسين مبيعات تلك الشركات، خصوصاً العاملة منها في مجال الأغذية والمشروبات. وعلى هذه الخلفية، طلبت مؤسسات عدّة من الحكومة المصرية، التدخُّل بشكل عاجل لإنقاذها، محذّرةً من أنها قد تضطرّ لتقليص العمالة غير الضرورية، مع الأخذ في الحسبان أن بعضها بدأ بالفعل بتنفيذ هذا الإجراء، بعدما تراجعت أنشطته بصورة غير مسبوقة، منذ السابع من أكتوبر. وتضرّرت، على إثر حملة المقاطعة، شركات كبرى من مثل «KFC» و«بيبسي» و«كوكاكولا»، ما أدّى إلى خسائر كبيرة لديها في الربع المالي الحالي. وإذ لجأ بعضها إلى وقف التفاعل عبر المنصّات المختلفة في الأسابيع الماضية، تجنّباً للانتقادات الجماهيرية، بدا لافتاً توجيه بعضها الآخر اللوم إلى رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وحكومته، على خلفية احتفائهما، عبر الإعلام الرسمي، بزيادة مبيعات الشركات الحكومية، وتشجيعها بصورة غير مباشرة فكرة المقاطعة. وفي هذا الإطار، جرت مناقشات موسّعة، في الأيام الماضية، بين مسؤولين حكوميين ومسؤولين في فروع الشركات العالمية، وذلك بفعل نموّ مبيعات الشركات المصرية بصورة كبيرة، ونفاد منتجاتها على حساب الشركات الدولية، وهو الأمر الذي أكدت الحكومة أنها لن تستطيع وقفه، وإنْ أبدت استعدادها لدعم الأخيرة، لتجنّب إغلاقها بفعل الخسائر الكبيرة التي تتكبّدها جرّاء تدهور مبيعاتها.
ووفقاً لأرقام غير رسمية، فإن مبيعات بعض مطاعم الوجبات السريعة، انخفضت بأكثر من 50% خلال الشهرَين الماضيَين، مقارنةً بالمدة نفسها من العام الماضي، وذلك في ظلّ وجود التزامات مالية كبيرة على بعضها، ولا سيما الفروع التي حصلت على العلامة التجارية بمقابل مادّي كبير. وفيما أكدت بعض الشركات أنها ستجد صعوبة في تدبير المبالغ المالية اللازمة للشركات الأمّ في الخارج نتيجة تراجع المبيعات وصعوبة توفير الدولار من البنوك بالسعر الرسمي، تدرس بعض شركات الأغذية إغلاق فروع لها للحدّ من الإنفاق، في حال استمرار تأثير حملات المقاطعة، بخاصة في المناطق الأقلّ ازدحاماً. كما يبدو أن خطّة الحكومة للتعامل مع الوضع ستتضمّن تعاوناً بينها وبين عدد من تلك المؤسسات، عبر التعاقد على كمّيات معها لمصلحة أنشطة حكومية، ومحاولة إشراكها في حملات للتبرّعات بهدف تحسين صورتها، ولا سيما في أوساط الأطفال والشباب الأكثر إقبالاً على المنتجات والمحلّات التي جرت مقاطعتها، وهو ما يشتغل عليه «اتحاد الغرف التجارية» و«اتحاد الصناعات».