الحسكة | استأنفت فصائل المقاومة هجماتها على القواعد الأميركية في سوريا، بوتيرة منخفضة عمّا كانت عليه قبل شهر، وذلك بعد إعلان سابق لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»، تعليقَ هجماتها على القواعد الأميركية في العراق وسوريا، مع دخول الهدنة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي حيّز التنفيذ، الأسبوع الماضي. واستهدفت المقاومة، يومَي الأربعاء والخميس الماضيَين، عبر طائرتَين مسيّرتَين، قاعدتَي «التحالف الدولي» في معمل غاز «كونيكو» في ريف دير الزور الشمالي، و«حقل العمر» النفطي في الريف الشرقي. كذلك، استُهدفت، مساء أمس، قاعدة الاحتلال الأميركي في مساكن الجبسة في مدينة الشدادي جنوبيّ الحسكة، بأربعة صواريخ، أوقعت إصابات مباشرة فيها.في المقابل، نفّذت القوات الأميركية عدواناً بالمدفعية الثقيلة من قاعدتها في «حقل العمر» النفطي، على منازل المدنيّين في محيط مدينة القورية في الضفة الغربية لنهر الفرات، الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية. وينبئ تجدُّد الهجمات على القواعد الأميركية، باستئناف المسار الذي كان متّبعاً قبل الهدنة المؤقتة، مع عودة الحرب على قطاع غزة أمس. وكانت «المقاومة الإسلامية في العراق» قد أصدرت بياناً أكدت فيه «(أنّنا) لن نترك أهلنا في غزة وجنوب لبنان يواجهون طواغيت العالم وحدهم»، معلنةً «الاستعداد والجهوزية لتصعيد العمليات العسكرية داخل العراق وخارجه، إذا ما أصرّ العدو الأميركي على استمرار آلة القتل الصهيونية». وأقرّت الولايات المتحدة، على لسان ناطق باسم «البنتاغون»، في المقابل، بتعرّض القواعد الأميركية في سوريا والعراق لـ 74 استهدافاً، منذ 17 تشرين الأول الماضي، مؤكدة وقوع هجوم على إحدى القواعد في دير الزور، الأربعاء. وعلى رغم انحسار الهجمات خلال أسبوع الهدنة، واصلت واشنطن تعزيز قواعدها في كل من الحسكة ودير الزور، بمزيد من المعدّات القتالية، حيث هبطت طائرات شحن عدّة في مطار خراب الجير وقاعدة الشدادي في ريفَي الحسكة الشمالي والجنوبي. كذلك نفّذ «التحالف الدولي» تدريبات بالذخيرة الحية، محاكياً تعرّض القوات لهجوم بري، والتصدّي له بمشاركة الطيران الحربي والمروحي، وذلك في كل من قواعد «كونيكو» و«العمر» و«خراب الجير» في ريفَي دير الزور، والحسكة.
نجحت المقاومة في تنويع أساليب هجماتها على القواعد الأميركية


لكن مراجعة بسيطة للهجمات الـ 74 الأخيرة على الأميركيين في سوريا والعراق، تكشف عن نجاح المقاومة في تنويع أساليب عملها بالمسيّرات، والقذائف الصاروخية القصيرة المدى، وراجمات الصواريخ، بالإضافة إلى استخدام الصواريخ «الباليستية» القصيرة المدى في العمليات في العراق، فيما ثبت، في الموازاة، فشل الترسانة التسليحية الأميركية في التعامل مع هجمات المقاومة والحدّ منها. كما أن كثافة الضربات وقدرتها على إصابة أكثر من 60 جندياً أميركياً، كانت بمثابة نموذج لجدّية المقاومة في تهديد الوجود الأميركي في سوريا والعراق، وقدرتها على تصعيد نشاطاتها إلى مستويات غير مسبوقة.
والظاهر أن تصعيد المقاومة الأخير نجح في التأثير على الداخل الأميركي أيضاً، حيث نُشرت عدة تقارير إعلامية تحدّثت عن عجز القيادات العسكرية عن تأمين الحماية المناسبة للجنود في سوريا، إلى جانب ظهور أصوات تنادي من جديد بالانسحاب الكامل من الأراضي السورية. وفي بيان نشره مكتب السيناتور الجمهوري، راند بول، قال الأخير إنه «سيُجبر مجلس الشيوخ الأميركي على التصويت على مشروع قانون لانسحاب القوات الأميركية من سوريا»، مشيراً إلى أن «التصويت قد يتمّ في وقت مبكّر من الأسبوع المقبل».
ومن شأن مشروع القانون، في حال المصادقة عليه، فتح الباب أمام سحب القوات الأميركية في غضون 30 يوماً من نفاذه، ما لم يطلب الرئيس ويحصل على تفويض بالحرب من «الكونغرس». وعلى الرغم من أن ذلك يبدو مستبعداً في الوقت الحالي، إلا أنه يؤشّر إلى مخاوف جدّية بدأت تَظهر لدى المشرّعين الأميركيين، حول مصير القوات الأميركية في المنطقة، وجدوى انخراط واشنطن في الصراع الذي قد يمتدّ ليصبح إقليمياً، وما يترتّب على ذلك من خسائر كبيرة قد يُمنى بها الأميركيون.