القاهرة | تتواصل اللقاءات المكثّفة بين كلّ من واشنطن والدوحة والقاهرة وعمّان، من أجل الوصول إلى مرحلة ما بعد إيقاف الحرب في قطاع غزة، والتي لا يبدو أن بلوغها سيكون أمراً سهلاً أو سريعاً. وتتناول اللقاءات، التي يتولّى جانباً منها الطاقم الاستخباراتي، كيفية إرساء صيغة أمنية تتيح من جهة «تطمين المخاوف الإسرائيلية والأميركية»، ومن جهة أخرى وضع حدّ لانتهاكات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلّة والنشاطات غير المشروعة التي يقومون بها هناك. وإذ ليس ثمّة، إلى الآن، تصوّر واضح متكامل يمكن البناء عليه في ما يتعلّق بالوضع في القطاع بعد انتهاء الحرب، فإن ما تطرحه مصر في جميع جلسات التفاوض، هو أن التهدئة ستعطي فرصةً لجميع الأطراف للحديث السياسي، منبّهةً إلى أن السقف العالي الذي رفعته إسرائيل كشرط لإنهاء الحرب، والمتمثّل في القضاء على الحركة، يعيق أيّ حديث من هذا النوع.وعلى خطّ موازٍ، تُواصل مصر اشتغالها على الوصول إلى توافقات داخلية بين السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة، محاوِلةً إقناع حركة «حماس» بـ«التنازل عن حكم قطاع غزة بشكل صريح»، على اعتبار أن هذا التنازل سيتيح ممارسة مزيد من الضغوط على الجانب الإسرائيلي من أجل إيقاف الحرب. كما تضغط القاهرة في اتّجاه إدخال المساعدات إلى القطاع، وذلك في إطار هدنة يتمّ إرساؤها بين الحين والآخر في مقابل تبادل للأسرى، ضمن ما تراه مصر «حلولاً مؤقّتة» إلى حين حدوث توافق حول الخطوة التالية.
وفي السياق نفسه، يسعى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الذي وصل إلى الولايات المتحدة أول من أمس، إلى المساهمة في تعزيز الرأي العام الداخلي الأميركي الداعم لوقف إطلاق النار، والبدء بتفاوض جديد على مرحلة ما بعد الحرب، إلى جانب تأكيد العجز العسكري الإسرائيلي عن إنهاء حركة «حماس»، والتحذير من تبعات الفوضى التي ستعمّ الشرق الأوسط بالكامل، في حال استمرار الحرب من دون أفق للحل. كذلك، تشيع مصر، في الأوساط الأميركية، أنّ المنطقة على وشك الانفجار، فيما جميع المعادلات الأمنية التي حقّقت الاستقرار، ووفّرت النفط والغاز للعالم، إلى جانب استثمارات الشراكة وغيرها من الأمور، ستكون «في مهبّ الريح»، بالنظر إلى أنّ انعكاسات القتال في غزة ستطال الجبهات الأخرى كافة، وهو ما يتطلّب تدخّلاً أميركياً حقيقياً للضغط على تل أبيب من أجل «الاستماع إلى صوت العقل وإدارة المسألة بحكمة».
في هذا الوقت، دخلت قبرص على خطّ الدول الراغبة في نقل المساعدات إلى ساحل قطاع غزة عبر المسار البحري، وذلك عبر زوراق بريطانية وأوروبية، وهو الأمر الذي جرت مناقشته مع مصر والأردن أثناء زيارة الرئيس القبرصي للبلدين، أول من أمس، في وقت لا تزال فيه القاهرة ترفض إدخال الإغاثة عبر معبر رفح.