بغداد | استمرّت تفاعلات الهجوم الصاروخي على السفارة الأميركية في بغداد، بعد أكثر من أسبوع على وقوعه، لتزيد الشرخ بين رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، وبعض القوى الداعمة للحكومة، إثر اعتقال السلطات عدداً من الأشخاص الذين تشتبه في أنهم مشاركون في الهجوم، في وقت تؤكد فيه مصادر أمنية أن هؤلاء ينتمون إلى فصيل مسلّح، رفضت تسميته، وعملوا بالتنسيق مع عناصر تابعة لـ«الحشد الشعبي» تنشط داخل «المنطقة الخضراء». وكشف الناطق باسم القائد العام للقوات المسلّحة، أول من أمس، في بيان أن «الأجهزة الأمنية تمكّنت، بعد جهد فني واستخباري مكثّف، من تحديد هوية الفاعلين، إذ بيّنت المعلومات الأولية أن بعضهم على صلة ببعض الأجهزة الأمنية»، معلناً القبض على عدد منهم. وأشار الناطق العسكري إلى أن «الجهات المختصة نجحت، قبل ذلك، في التوصّل إلى من ساعد الفاعلين وقدّم لهم الدعم اللوجستي للوصول إلى منطقة التنفيذ وإخلائهم منها، وتم إيداعهم التوقيف، بغية اتّخاذ الإجراءات القانونية بحقهم»، كما قال.وفي ما يتعلّق بحيثيات استهداف السفارة ومقرّ جهاز الأمن الوطني وبعض المباني الحكومية، يؤكد مسؤول في «الحشد الشعبي»، لـ«الأخبار»، أن «عملية استهداف السفارة كانت من قبل عناصر ينتمون إلى أحد الفصائل المسلحة، وبالتنسيق مع عناصر أمنية تنتسب إلى أحد ألوية الحشد الشعبي داخل المنطقة الخضراء». ويضيف أن «أحد عناصر الحشد قام بنقل الأشخاص المنفّذين بسيارته الشخصية. وبعد أيام، تم الوصول إليه من قبل الاستخبارات والقوات الخاصة داخل المنطقة الخضراء»، لافتاً إلى أنه «حاول السفر إلى تركيا، ولكن تم القبض عليه داخل مطار بغداد الدولي». ويبيّن المسؤول أن «القوات الأمنية استطاعت معرفة الجهة التي قامت بالهجوم على السفارة، وعثرت على اثنين من المنفذين للقصف. وحسب اعترافاتهما الأولية، فإنهما تابعان لفصيل مسلح».
الجانب الأميركي بعث إلى الفصائل رسائل مع السوداني أنّ الرد سيكون «قوياً» ضدها إذا هاجمت المصالح الأميركية


ومن جانبه، يؤكد مصدر عسكري مقرب من السوداني، لـ«الأخبار»، أن «هناك تعهدات أعطتها الفصائل لرئيس الحكومة بعدم قصف السفارات والبعثات الديبلوماسية أو استهدافها بأي شكل من الأشكال». ويتابع أن «السوداني طلب من الجمهورية الإسلامية في إيران، الضغط على فصائل المقاومة لوقف استهداف البعثات، لما فيه من خطورة كبيرة على أمن السلم الأهلي للبلاد واستقراره، وتهديد مكانته أمام المجتمع الدولي»، بحسب ما دافع به. ويشير المصدر العسكري إلى أن «مجمل المكالمات التي أجريت من الجانب الأميركي مع السوداني، كانت حول التأكيد على حماية الهيئات والبعثات الديبلوماسية، وأيضاً للتذكير بالاتفاقيات المبرمة بين البلدين. وكذلك كانت تبعث عبره رسائل إلى الفصائل تهدد فيها بأن الرد سيكون قوياً ضد عناصرها ومقرّاتها إذا هاجمت المصالح الأميركية». ولا يستبعد أن «تعمد الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات اقتصادية على العراق، في حال استمرت الهجمات ضد قواتها، ولا سيما أنه كان هناك تلويح سابق بفرض عقوبات، ولكن تمّ تمديد المهلة الممنوحة لبغداد أربعة أو ستة أشهر».
وفي المقابل، يؤكد القيادي في «حركة أنصار الله الأوفياء»، عادل الكرعاوي، أن «المقاومة الإسلامية لن تتراجع عن قصف المحتل الأميركي، بخاصة بعد تجاوزه السيادة العراقية وضرب مقرّات الحشد الشعبي وقتل مجاهدينا في المقاومة الإسلامية». ويشدد الكرعاوي، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «الحرب في غزة هي المعيار في الوقت الحالي، فإذا توقّف الهجوم الذي يشنّه الكيان الصهيوني، فالمقاومة توقف هجماتها، ولكن بشكل مؤقت، لأن خروج المحتل من العراق بات أمراً ملحّاً وضرورياً». ويعتبر أنّ «قصف الأميركيين أينما كانوا في سفارة التجسّس أو في أوكارهم في القواعد العسكرية، هو واجب وطني وشرعي، لأنه بحسب اعتقادنا كمقاومة يجب طرد المحتل وإلحاق الخسارة بجنوده». كما يؤكّد أن «المقاومة تحترم قرارات الحكومة ولا تريد إحراجها، ورئيس الوزراء يدرك جيداً أن المقاومة تمثّل وجهة نظر المجتمع والشعب العراقي لمواجهة الاحتلال، فاستهداف السفارة أو غيرها هو لغرض تطهير أرض العراق وإعادة هيبته».
ورغم الاعتقالات، استهدفت «المقاومة الإسلامية في العراق» قاعدة «عين الأسد» الأميركية في محافظة الأنبار غربي العراق بواسطة طائرات مسيّرة، أول من أمس، مؤكدةً في بيان أنّ «عملية الاستهداف أصابت أهدافها بشكل مباشر».