بالتزامن مع تعديلات هيكلية تجريها «الإدارة الذاتية» التي تقودها «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، لتوحيد مناطق سيطرتها ضمن إقليم واحد يتضمّن سبع مقاطعات، بما يؤسّس بشكل واضح لمشروع «فيدرالية» كردية في الشمال الشرقي من البلاد، أقرّ مجلس النواب الأميركي موازنة وزارة الدفاع الأميركية لعام 2024، والتي تضمّنت تخصيص 156 مليون دولار لصندوق «التدريب والتجهيز لتعزيز قدرات القوات الشريكة لوزارة الدفاع في مكافحة تنظيم داعش، وتوفير احتجاز آمن وإنساني لمقاتلي التنظيم»، وفق بيان لـ«البنتاغون». وفيما انتهت «الإدارة الذاتية» من إعداد «عقدها الاجتماعي» الجديد، والذي ينص على أن «الإدارة الذاتية الديموقراطية لشمال وشرق سوريا جزء من جمهورية سوريا الديموقراطية»، أعلن «مجلس سوريا الديموقراطية» (مسد)، الذراع السياسي لـ«قسد»، عن تغييرات جذرية ستعلَن خلال الاجتماع المزمع عقده يوم الأربعاء المقبل، تتضمن توسيع دائرة العلاقات السورية – السورية، ضمن مساعٍ تجرى لفرض نظام «فيدرالي» بدعم أميركي.على أن موازنة «البنتاغون»، والتي تضمنت تخصيص مبلغ 398 مليون دولار لسوريا والعراق، شهدت تخفيضاً عن العام الماضي بنحو 89 مليون دولار؛ إذ جرى تخفيض حصة سوريا بنحو 9 ملايين دولار عن العام السابق، فيما شهدت حصة العراق تخفيضاً كبيراً بقيمة 80 مليون دولار، إلى 242 مليون دولار، من 322 مليوناً العام الماضي. ويتوافق تخصيص تلك المبالغ مع إصرار الولايات المتحدة على الإبقاء على قواتها في سوريا، بالرغم من ارتفاع المخاطر جراء العمليات المستمرة التي تنفذها المقاومة ضد القواعد الأميركية في كلا البلدين، وذلك على خلفية الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها على الفلسطينيين في قطاع غزة. وأحصى «البنتاغون» تعرض قواعده، في الفترة الممتدة بين 17 تشرين الأول و13 كانون الأول الحالي، لـ 97 هجوماً متنوعاً بالمسيّرات والقذائف، من دون أن يفصح عن حجم الأضرار التي تسببت بها هذه الهجمات.
كذلك، يأتي تخصيص تلك المبالغ في سياق مشروع أميركي لتوسيع عديد القوات التابعة لها في منطقة التنف، ضمن هيكل مواز لـ«قسد»، إذ تعمل واشنطن على استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوف الفصيل الذي أطلقت عليه اسم «جيش سوريا الحرة»، مستثمرةً ملف المخدرات في تمتين حضورها ضمن المثلث الحدودي مع سوريا والعراق بذريعة حماية الحدود، في وقت تؤدّي فيه القاعدة الأميركية في «التنف» دوراً في حماية إسرائيل التي شنت هجمات عديدة انطلاقاً من هناك، وتقديم الدعم لمقاتلي تنظيم «داعش» المنتشرين في منطقة البادية. وكانت روسيا قد أعلنت، يوم الجمعة الماضي، عن تنفيذ عمليات استهداف جوية ضد مواقع يتحصّن فيها مسلحون تابعون للتنظيم، بحسب ما جاء على لسان نائب رئيس «المركز الروسي للمصالحة في سوريا»، فاديم كوليت، الذي قال: «خططت الجماعات المسلحة غير الشرعية للقيام بأعمال تخريبية تستهدف البنية التحتية للنفط والغاز وشبكات للطرق ومواقع للقوات الحكومية السورية». وأضاف، في مؤتمر صحافي، أنه «من أجل منع وقوع أنشطة مسلحة معادية، نفذ سلاح الطيران الروسي غارات جوية مكثفة على معاقل الجماعات المسلحة التي تم تحديد مواقعها في البادية».
وخلال الأسبوعين الماضيين، استقدمت القوات الأميركية غير الشرعية تعزيزات كبيرة، بينها أنظمة دفاع جوي، في وقت أطلقت فيه مناورات شارك فيها نحو 300 عنصر من قوات النخبة في «قسد»، وتضمنت تدريبات على عمليات الإنزال والمداهمة. وأثار ذلك حفيظة تركيا التي قال وزير دفاعها، يشار غولر: «الأسبوع الماضي، أجرى (الجيش الأميركي) تدريبات مع الإرهابيين، نحن نراقب كل حدث عن كثب، هذا الوضع غير مقبول»، بحسب صحيفة «صباح» التركية. وفيما تنتقد أنقرة الإسناد الأميركي لـ«قسد» وتتهم واشنطن بدعم «الإرهاب»، أعلنت توصّلها إلى اتفاق حول شراء مقاتلات «F16»، بحسب ما جاء على لسان غولر الذي أكّد أنه تم الانتهاء من الاجتماعات الفنية مع واشنطن حول شراء الطائرات، مشيراً إلى أن العملية ستبدأ «بخطوات إيجابية وملموسة في أقرب وقت ممكن». ويأتي الإعلان عن الاتفاق التركي - الأميركي في الوقت الذي كان ينتظر فيه التوصل إلى اتفاق حول شراء مقاتلات «F35» التي تم استبعاد تركيا من مشروع تطويرها قبل نحو عامين، فيما تخوض أنقرة منذ ذلك الوقت اجتماعات متتالية أملاً بإعادتها إلى المشروع.
وفي سياق متصل، أعلنت «القيادة المركزية الأميركية» (Centcom) عن زيارة لقائدها الجنرال مايكل كوريلا إلى سوريا والعراق، التقى خلالها بعسكريين أميركيين في سوريا. وفي وقت لم تعلن فيه عن القواعد التي زارها كوريلا هناك، ذكرت أن قائدها «سافر إلى قاعدة عين الأسد الجوية ومطار أربيل، حيث زار مع قادة قوة العمل المشتركة، عملية العزم الصلب، وأعضاء الخدمة، لتلقي تحديث عملياتي وتقييم الوضع الأمني الحالي»، وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر ميداني سوري، في حديثه إلى «الأخبار»، أن الجنرال كوريلا زار قاعدة «التنف»، حيث أجرى اجتماعاً لبضع ساعات قبل أن يغادرها. وتعدّ تلك الزيارة هي الرابعة من نوعها خلال العام الحالي، غير أنها تأتي هذه المرة بالتزامن مع تعرض القواعد الأميركية لاستهدافات المقاومة، والتي طاولت خلال اليومين الماضيين قواعد عديدة في سوريا والعراق؛ بينها قاعدة «عين الأسد» التي زارها كوريلا، وقاعدة «المالكية» شمال شرق محافظة الحسكة.