في السياق، لم تنفع تهديدات العدو مع أهل عيتا الشعب. وأمس سجّلت ساحة الحسينية أكبر تجمّع سار خلف نعش الشهيد محمد نعمة سرور، مقارنةً مع المراسم الستة السابقة. وحرص أبناء البلدة الذين بقوا أو من نزح منهم على الحضور تحدياً لاستهداف مراسم تشييع الشهيد حسن معن سرور يوم الإثنين الماضي.في الطريق العام وقف ابن شقيق الشهيد يوزّع صور عمه محمد. ابن الـ 12 عاماً، صار يقطف الزهر من حدائق المنازل ويخبّئها في كيس، ليلقيها على النعش. محطة الوداع الأخير لم تكن في منزل العائلة، فهو المنزل نفسه المشرف على الساحة الذي قصفته المُسيّرة أثناء تشييع صديقه حسن. ونُقل الجثمان إلى منزل الشهيد المستقبلي الذي كان يجهّزه للزواج. هناك انتظرته والدته أم موسى وعمّته التي كان سيجاورها، زغردتا له وقابلتاه بالمواويل والعتابا. لم يطل اطمئنان والدة الشهيد. لا شعورياً، صرخت:»أين محمد؟»، عندما وقعت الغارة على سطح منزلها أمام ناظريها الإثنين الماضي. حينها، نجا هو وشقيقه. لكنّ نجاته لم تطل أكثر من ثلاثين ساعة.
في الساحة، كثرت مشاركة الأطفال والفتيان والصبايا. بقلوب جريئة ووجوه باسمة تفاعل الجميع بحماس مع الأناشيد. قالت صبية لصديقتها: «ارفعي صوتك لتسمعنا إسرائيل»، مشيرة بيديها إلى موقع الراهب المقابل. شقيقة شهيد مواجهات عيتا في عام 2006، شادي سعد، اختنقت بتأثّرها. «حضرت كل التشييعات السابقة، لكنّ لهذا التشييع وقعاً آخر. فهو اختبار لنا لكي لا نخذل عيتا وشهداءَها».
هزمت عيتا الشعب إسرائيل مجدداً وردعتها. وما لم يتجرّأ العدو على فعله مع تشييع عيتا، فعله مع مراسم تشييع الشهيد حسن إبراهيم في بليدا. الحشود الكبيرة واكبت النعش إلى الجبانة المقابلة لمواقع بياض بليدا والمالكية ويفتاح ومربض ديشون. لم يتحمّل العدو الأصوات التي صدحت تتوعّده بالهزيمة وتتعهّد بالبقاء «على طريق القدس». وقبيل دفن إبراهيم، أطلقت مدفعية موقع البياض قذيفة على منزل مشرف على الجبانة، دون وقوع إصابات.