يمكن اعتبار تجربة شادي زقطان القادم من مدينة رام الله، تجريبية إلى حدٍ كبير. يمزج العازف والمغنّي الفلسطيني في أغنياته بين الفن الشرقي لغةً وكلاماً وغيتاره الغربي الذي يعزف عليه غالبية الوقت، فضلاً عن نوعية التوليفة الموسيقية شبه الغربية التي ترافق أغنياته عادة. هذا الأمر علّق عليه في إحدى حفلاته حين أشار إلى أنّ كثيرين يتّهمون من يعزف الغيتار بأنه «بيروحوا عالغرب» (يقصد أنهم يتغربون موسيقياً)، لكنه يكمل: «الموضوع مش قصة نوتة أو نص نوتة، الأغنية خصها بمفهومها. عملت أغاني بلهجة شبه بدوية، أنا نص بدوي، والدتي من معان من الأردن؛ عملتها بلهجتهم؛ دفاعاً عن شرقية الأغنية». في الوقت نفسه، حاول زقطان إيصال التراث الفلسطيني حين أدى «وين ع رام الله» لكن بطريقته الخاصة؛ حتى إنه غنى «صوتك غلب موتك» مهدياً إياها إلى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمّار). هو كان حتى مباشراً في أغنيته «يسقط الاحتلال»، وبدا أكثر فنيةً وعمقاً وحتى حنيناً في أغنيته «11 ألف محل فاضي». الأمر نفسه نجده في إحدى أقوى أغنياته «ذيب» التي قارب فيها فكرة جميلة، تشبه الأغنيات الكلاسيكية لكبرى الفرق الغربية. بنى زقطان أغنيته على تجاربه الذاتية، وما يراه، وما قرأه وسمعه، هو كان قد أشار إلى تأثره بشخصية عمه وضاح زقطان. إذ صرّح في أكثر من مقابلة أنّ عمه أثّر فيه حين عاش معه طفلاً: «عمي، وضاح زقطان، الذي عشت معه في طفولتي المبكرة، بغيتاره والكلاشنكوف معاً، شكل صورة أسطورية في ذهني. زقطان العم، فوضى فرقته الموسيقية في منزل الجد المكتظ أصلاً بالرفاق والرفيقات والشعراء والمناضلين، فرقة «بلدنا» في البداية، ثم فرقة «الرايات» في عمان، حتى أنه استضافني في بعض العروض مبكراً من أجل تقديم أغنية أو أغنيتين، فقد كان عالماً ساحراً مليئاً بالشعر والموسيقى والثورة والتحدي والحب والأحلام، والكتب والسجائر، وأنصاف الأغاني على الأوراق هنا وهناك. وضاح بعينيه البعيدتين والغيتار». هذه التجريبية والانغماس في الفوضى إلى حدٍ ما، يتجلّيان في أغنية زقطان «يسقط الاحتلال»، وبشكل أكبر في «تأخر البحر» التي قد تنهك المستمع العربي بعض الشيء، ربما بسبب تغريبها الموسيقي الكبير، ومعانيها التي تحتاج إلى التفكير، فيقول مثلاً «في مركب عالإسفلت انتحر».
باختصار، تأتي تجربة زقطان، بمثابة المزج بين التغريب والتجريب الموسيقي مع شرقيته الظاهرة في مواضيعه وتأثره بالجو العام الذي يحيطه سواء سياسياً، ثقافياً، أو حتى اجتماعياً.