غداة إعلان وزارة الصحة الإسرائيلية قرارها إضافةَ أسرّة إلى أقسام المستشفيات العمومية، وأخرى مثلها إلى مستشفيات الصحة النفسية، بعث عشرة من مديري هذه الأخيرة، رسالةً طارئةً إلى مراقب الدولة، متنياهو أنغلمان، يطالبونه فيها بإعلان «حالة طوارئ» لمواجهة الوضع الخطير الذي تشهده منظومة الصحة النفسية. وجاءت الرسالة في أعقاب سنوات من الأخطاء والإهمال، وفي ظلّ النقص في التمويل والقوى العاملة في المراكز ذات الصلة، وهو وضع فاقمته الحرب المندلعة في قطاع غزة منذ حوالى الثلاثة أشهر. ووفقاً لما أورده موقع «واينت»، فإن الرسالة أتت أيضاً بعدما فكّر المديرون في تقديم استقالتهم في وقت سابق، قبل أن يعودوا عن القرار. وكتب هؤلاء، ومن بينهم مدير مستشفى «مرحفيم»، البروفيسور حيليك ليبكوفيتش، ومدير مستشفى «ليف هشارون»، البرفيسور شموئيل هيرشمان، ومدير مستشفى «أفربانئيل»، يوفال ميلمد، إلى مراقب الدولة: «نتوجّه إليك بصرختنا اليائسة بسبب الوضع الصعب الذي تعانيه منظومة الصحة النفسية في إسرائيل»، معتبرين أن «المنظومة الصحية تقف على شفا الانهيار».وبحسب موقع «واينت»، أصدر مراقب الدولة، منذ أيار 2020، تقريراً «خطيراً» تناول فيه وضع هذه المنظومة في السنوات الخمس السابقة، أي منذ بدء تنفيذ القرارات المتعلّقة بالصحة النفسية، والتي في إطارها نُقل الجزء الأكبر من علاج المرضى النفسيين إلى عيادات «كوبات حوليم» (صندوق المرضى). وقد حذّر المراقب، في وقت سابق، من الانحدار التدريجي في مجالات الصحة النفسية في العقد الأخير، خصوصاً بعدما بدأت البيانات تُظهر تراجعاً في تلك المجالات كافة، وبينها الوقت المنتظَر للحصول على موعد لتلقّي العلاج (يستغرق أحياناً سنة أو أكثر)، وانخفاض أعداد أطباء الصحة النفسية بشكل حادّ، في موازاة الإهمال الكبير الذي يتعرّض له القطاع العام لمصلحة القطاع الخاص، فضلاً عن النقص الخطير في طواقم التشافي وتراجع المعايير في المستشفيات القائمة، والنقص في القوى العاملة، والذي يُعدّ أحد الأسباب المركزية للوضع القائم. والجدير ذكره، هنا، أن وزارة الصحة تقرّ بأنه لا يوجد عدد كافٍ من العاملين للاهتمام بكلّ طالبي الحصول على علاج نفسي.
وبالعودة إلى رسالة المديرين، لفت هؤلاء إلى أنه بالإضافة إلى الزيادة الحادّة في الاحتياجات منذ أزمة «كورونا»، أدى هجوم السابع من أكتوبر إلى وجود 300 ألف إسرائيلي إضافي يحتاجون إلى علاج نفسي مموّل (من الدولة). وما سبق، وفقاً للرسالة، «هو عدد لا يشمل المقاتلين الذين يحتاجون إلى علاج نفسي من جرّاء الصدمات التي تعرّضوا لها، أو سيعانون منها بسبب الحرب». وقالوا: «نلحظ زيادة بعشرات النسب المئوية في طلبات خدمات الصحة النفسية. النتائج قاسية ومقلقة، فهناك ارتفاع في معدلات الإصابة بالأمراض العقلية، وحالات الانتحار، ومصابون يتلقّون العلاج في الطوارئ في ظروف لا إنسانية». ومع ذلك، تصرّ وزارة الصحة الإسرائيلية على أنه «لم يطرأ ارتفاع على معدلات الانتحار». في المقابل، قال المديرون: «نحن أمام واقع من العجز التام، غير قادرين على تقديم الاستجابة المناسبة للاحتياجات العاجلة، نشعر بالحزن في مواجهة المعاناة الإنسانية التي نشهدها كلّ يوم. من فضلك، استخدم قوّتك وسلطتك كمراقب دولة من أجل إنقاذ الصحة النفسية لمواطني إسرائيل. لقد حان الوقت لإعلان حالة الطوارئ الوطنية وتخصيص الموارد بشكل عاجل بما يتلاءم مع الوقائع». وردّاً على ادّعاءات وزارة الصحة في شأن عدم ارتفاع معدلات الانتحار، وقرارها زيادة 1700 سرير لمستشفيات عامة بينها 245 سريراً لمستشفيات الصحة النفسية، نقل موقع «واينت» عن أحد مديري المستشفيات قوله: «مجدداً، تنشر وزارة الصحة الأكاذيب والأوهام المنفصلة عن الواقع».