وفيما حاولت أميركا وبريطانيا احتواء الردّ اليمني ديبلوماسياً تحت مبرّر عدم الرغبة في توسع دائرة الصراع، قالت مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن «صنعاء تلقّت عدداً من الرسائل الأميركية عبر دول وسيطة، أكدت فيها واشنطن حرصها على عدم تصعيد الأوضاع في البحر الأحمر كون ذلك سيعرّض الملاحة الدولية للخطر». وأشارت المصادر إلى أن «إيران وسلطنة عمان رفضتا اتصالات أجراها وزير الخارجية البريطانية للتوسط لدى اليمن للتهدئة، حيث عبّر وزيرا خارجية البلدين عن رفضهما المعايير المزدوجة». وتابعت أنه «بعد فشلها في تهدئة الوضع ديبلوماسياً، لجأت بريطانيا إلى الحرب النفسية لإيصال رسائل إلى صنعاء مفادها أنها قد تلجأ إلى التدخّل العسكري المباشر، وضرب عشرات الأهداف في عدد من المحافظات اليمنية، رغم أنها لا تملك القوّة الكافية للمواجهة في اليمن».
القحوم: أميركا فتحت باباً لن تستطيع الخروج منه بسهولة وتكلفة هذا الاعتداء ستكون باهظة
من جهتها، نبهت مصادر عسكرية، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن الاعتداء الأميركي على القوارب اليمنية جنوب سواحل محافظة الحديدة غرب البلاد، سيدفع بالأوضاع نحو التصعيد، كاشفةً أن «القوات البحرية سوف تتوقّف عن آليات تحذير السفن عبر الراديو أو التحذير الناري للسفن التي تغلق أجهزة التعارف أو التي تحاول كسر قرار منع مرور الناقلات الإسرائيلية، وستلجأ إلى الاستهداف المباشر واستخدام أسلحة كفيلة بإغراق تلك السفن». وأشارت إلى أن «القوات البحرية لم توقف دورياتها البحرية بعد الاعتداء، بل عزّزت وجودها البحري وتقوم بدورها وفق القانون البحري اليمني، الذي يمنحها حق اتخاذ كل الإجراءات اللازمة والضرورية في المياه الإقليمية لمنع المرور غير البريء، وإيقاف دخول جميع السفن الأجنبية أو بعضها في مساحة معينة من المياه الإقليمية إذا اقتضت المصلحة ذلك».
ورغم محاولة البحرية الأميركية تبرير اعتدائها على القوارب اليمنية بتعرّض طائراتها لهجوم من قبلها، إلا أن المؤشرات تؤكد أن العملية متعمّدة، وخاصة أن الاعتداء جاء في أعقاب مغادرة سفينتَي «باتان» و«كارتر» العاملتين ضمن تحالف «حارس الازدهار»، الجمعة الماضي، البحر الأحمر، في اتجاه البحر المتوسط، بسبب عدم قدرتهما على تأمين كل السفن، واستمرار الهجمات غير المعلنة على البوارج والسفن العسكرية الأميركية. ووفقاً لأكثر من مصدر مطّلع، فإن القوات اليمنية شنّت، أواخر الشهر الفائت، هجوماً مزدوجاً بعدد من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن وعدد من صواريخ كروز الهجومية وعدد كبير من الطائرات المسيّرة ضد حاملة الطائرات الأميركية «آيزنهاور» ومجموعتها الحربية، ما أجبر المدمّرة «لابون» على خوض المعركة إلى جانب عدد من الطائرات المقاتلة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، فيما لم يتم الإعلان عن ذلك. وتكرّر الهجوم، مساء الخميس، على المدمّرة الأميركية «ميسون» بالطيران المسيّر والصواريخ الباليستية في جنوب البحر الأحمر. وكانت قوات صنعاء قد بعثت برسائل متعدّدة إلى عدد من البوارج الأميركية في مناطق متفرّقة من البحر الأحمر ومضيق باب المندب، خلال اليومين الماضيين، في إطار التهيئة لعملية كبرى ضد الوجود الأميركي في البحرين الأحمر والعربي.
وفي النتيجة، لم يستطع التحالف الأميركي حماية السفن في البحر الأحمر؛ إذ أعلنت شركة «ميرسك» الدانماركية، وهي إحدى أكبر شركات الشحن في العالم، أمس، أنها ستواصل وقف جميع شحنات البضائع عبر البحر الأحمر.