رام الله | يوازي الأهالي في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، ما بين بلدة عزون ومدينة جنين، لناحية حالة المقاومة المتصاعدة في البلدة، التي تخوض اشتباكات تصاعدت وتيرتها منذ العدوان على غزة في السابع من أكتوبر. وتطل عزون على الشارع العام بين مدينتَي قلقيلية ونابلس، والذي تسلكه في اليوم مئات بل آلاف من مركبات المستوطنين، بينما يفرض العدو حصاراً خانقاً عليها من خلال المستوطنات المحيطة بها، والتي التهمت ما يزيد عن نصف مساحتها التي تُقدر بـ25 ألف دونم، ومنها مستوطنات «كرنيه شمرون» و«معاليه شمرون» و«جينات شمرون». وعلى الرغم من تواجد قوات الاحتلال بشكل دائم على مداخل البلدة، حيث تتحكّم البوابات العسكرية هناك بحياة المواطنين، باتت عزون رمزاً للمقاومة، وإحدى نقاط الاشتباك المشتعلة، بينما حوّل شبانها الشارع الذي يمر بمحاذاتها إلى عبء على المستوطنين وقوات الاحتلال، جراء عمليات المقاومة الشعبية اليومية، التي تتنوّع ما بين رشق للحجارة والزجاجات الحارقة والعبوات المحلية الصنع، وصولاً في الأسابيع الأخيرة إلى إطلاق نار، وتشكيل خلايا مسلّحة.وأمس، استيقظت عزون على حالة حرب حقيقية، بعد أن اقتحمتها قوات كبيرة من جيش الاحتلال، لتندلع اشتباكات مسلحة عنيفة، وقع خلالها جنود العدو وضباطه في كمين بالأسلحة الرشاشة والعبوات الناسفة، ما أدى إلى إصابة أحد الضباط. وفي المقابل، حاصر جيش الاحتلال أحد المباني حيث تحصّن أربعة شبان، أُعلن لاحقاً استشهادهم واحتجاز جثامينهم، فيما نُشرت صورة لأسلحة قال العدو إنها كانت بحوزتهم قبل استشهادهم، وهي أسلحة مصنّعة محلياً من طراز «كارلو» اشتهر شبان عزون بصناعتها. كما نفّذت قوات الاحتلال حملة مداهمات وتفتيش للمنازل والمحالّ التجارية، وصادرت تسجيلات الكاميرات.
وقبل أيام، كشفت مصادر محلية أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية فكّكت، في 24 كانون الأول، 3 عبوات ناسفة كبيرة الحجم، وصادرت مجموعة قنابل محلية الصنع كانت مخبّأة في مكان داخل البلدة. كما صادرت، في الـ28 من الشهر نفسه، مركبة تحتوي على عبوات ناسفة كبيرة. كذلك، أعلنت «هيئة البث الإسرائيلية»، مطلع الأسبوع الجاري، أن أجهزة الأمن الفلسطينية تتحرك في مخيمات الضفة لمنع المسلحين من الهجوم على جيش الاحتلال. وأوضحت أنه في إطار هذه الجهود يتم التركيز على منع زرع العبوات الناسفة في الشوارع والأزقة داخل المخيمات.
وتزامنت هذه الأحداث مع أخرى مشابهة في مدينة جنين، حيث اتهمت «كتيبة جنين» التابعة لـ«سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، الأجهزة الأمنية الفلسطينية، باغتيال مقاوم فلسطيني من كتيبة برقين في 31 كانون الأول. وقال شهود عيان إن أفراداً من الأجهزة الأمنية نصبوا كميناً لسيارة تقلّ 4 مقاومين في الشارع الالتفافي شمال شرق جنين وأطلقوا عليهم النار، ما أدى إلى استشهاد أحمد عبيدي وإصابة زملائه الثلاثة. كما نظّمت «الكتيبة» مسيرة شارك فيها الآلاف تنديداً بذلك، بينما قالت «كتيبة جنين» إن «فصائل المقاومة في جنين تتجنب الصدام مع عناصر السلطة الفلسطينية، لكنهم لم يتوقفوا عن ملاحقة المقاومين وإطلاق النار عليهم». وفي مدينة نابلس، اعتقلت الأجهزة الأمنية، أمس، أحد عناصر «كتيبة بلاطة» من «مستشفى رفيديا» أثناء تلقّيه العلاج إثر إصابته في مخيّم بلاطة قبل يومين، وذلك خلال حفل تأبين نظّمته «الكتيبة» في المخيم، وتعرّض عناصرها فيه لإطلاق النار، ما أدى إلى إصابة بعضهم.
تواصلت جرائم الاحتلال بحق الأسرى في سجونه، والتي كان آخرها استشهاد عبد الرحمن البحش


أيضاً، شهدت جنين، مساء الإثنين وفجر الثلاثاء، اقتحاماً نفّذته قوات الاحتلال من عدة مداخل، واندلعت على إثره اشتباكات مسلحة تركزت في حارة الدمج غربي مخيم جنين، حيث جرى قطع التيار الكهربائي عن المخيم ومحيطه، بالتزامن مع إطلاق نار من قبل مقاومين فلسطينيين في اتجاه الآليات المقتحمة. كما شهدت عدة بلدات قريبة من جنين اقتحامات مماثلة، كان أبرزها في بلدة يعبد التي سُجّلت فيها اشتباكات مسلحة. كذلك، شهدت مدينة أريحا اقتحاماً واسعاً اعتقل خلاله جيش العدو السيدة ميسون الريماوي بعد اقتحام منزلها في المدينة، بينما فشل، وللمرة الثالثة، في اعتقال مقاومين من مخيم عين السلطان في أريحا، وتحديداً من حارة الدواهيك التي سُجّل أكثر من اقتحام لها على مدار عدة أيام. واقتحمت قوات إسرائيلية خاصة المخيم، قبل أن تتبعها تعزيزات عسكرية كبيرة، وتدخل عدداً من المنازل وتفتّشها، توازياً مع إطلاق الغاز والرصاص الحي وقنابل الصوت بشكل عشوائي، الأمر الذي قابله المقاومون باستهداف جنود العدو بعبوات متفجّرة ورصاص حي.
في غضون ذلك، تواصلت جرائم الاحتلال بحق الأسرى في سجونه، والتي كان آخرها استشهاد عبد الرحمن البحش (23 عاماًَ) من مدينة نابلس، الإثنين الماضي، في سجن «مجدو»، لترتفع بذلك حصيلة الشهداء في صفوف الحركة الوطنية الأسيرة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، إلى سبعة، فضلاً عن عدد آخر من الشهداء من قطاع غزة الذين لا أحد يملك أي تفاصيل حول عددهم وهويتهم. وفي المقابل، كان لافتاً ظهور كتيبة جديدة في البلدة القديمة في مدينة نابلس تحت مسمى «كتيبة أحفاد الياسين»، التي أكّدت في 2 كانون الثاني أنها سترد بطريقتها الخاصة على جريمة اغتيال الأسير البحش، معلنةً أنها نفّذت 9 عمليات إطلاق نار على الحواجز والمستوطنات القريبة من نابلس، وفجّرت أكثر من عبوة بشكل مباشر في البلدة القديمة. ويُشار إلى أن الأسير البحش معتقل منذ 31 أيار 2022، ومحكوم بالسّجن لمدة 35 شهراً، لكن لم تتوفر أي معلومات حول كيفية استشهاده، علماً أنه لم يعانِ سابقاً من أي أمراض أو أعراض صحية. ويؤكد ذلك أنّ الاحتلال ماضٍ في تنفيذ المزيد من عمليات الاغتيال بحقّ أسرى ومعتقلين في سجونه، خصوصاً من خلال جرائم التّعذيب والتّنكيل الممنهجة، على غرار ما جرى مع الأسير أبو عصب الذي اعترف الاحتلال باستشهاده جراء التعذيب والضرب المباشر.