القاهرة | بعدما كانت الأمور تقترب من الوصول إلى صيغ توافقية تتضمّن وقفاً لإطلاق النار في غزة، وربّما التمهيد لإنهاء الحرب على المدى المتوسط، برعاية مصرية - قطرية، جُمّدت كلّ الاتصالات إثر عملية الاغتيال التي نفّذها الجيش الإسرائيلي في لبنان، مساء أمس، وأدّت إلى استشهاد القيادي في حركة «حماس»، صالح العاروري، إلى جانب قادة آخرين. وقبل ذلك، وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن «مصر تبنّت لغة الفصائل في ما يتعلّق بضرورة الوقف الكامل للحرب، لكن هذا الأمر ظلّ يصطدم بطلبات إسرائيلية مبالغ فيها ولا يمكن تحقيقها على أرض الواقع. ولذا، ارتبط الاتفاق الذي كان يفترض التوصّل إليه، بالعمل على إطالة أمد المراحل الثلاث في المبادرة المصرية لتُنفّذ خلال فترة تمتدّ ما بين شهر وشهرين، بما يضمن تحقيق توافقات جديدة في أثناء ذلك على خطّة وقف الحرب بشكل نهائي».وبينما عملت القاهرة على التقريب بين حركتَي «فتح» و«حماس»، وصياغة تفاهمات مشتركة تجمعهما في شأن مستقبل الوضع في قطاع غزة لبلورة موقف فلسطيني موحّد وفريق قادر على التفاوض في الأسابيع المقبلة، تركّزت الخطّة المصرية المعدّلة على تنفيذ كلّ البنود المقترحة، باستثناء بند تبادل الأسرى العسكريين الموجودين لدى فصائل المقاومة في غزة. وتضمّنت هذه الخطّة، في مرحلتها الأولى، استعادة الاحتلال آخر المدنيين، وفي مرحلتها الثانية استعادة المجنّدات، وفي الثالثة رفات المقتولين. كما تتضمّن الأولى الاتفاق على عملية تبادل العسكريين وتسليمهم، في مقابل إنهاء الحرب بشكل كامل، وهي المرحلة التي كانت مصر تأمل أن تُنفّذ في ظلّ حكومة إسرائيلية لا يرأسها بنيامين نتنياهو، إذ تعاني الحكومة الحالية من ارتباك عطّل اتّخاذ العديد من القرارات الحاسمة الخاصة بالتفاوض، في الأيام الماضية.
وكانت عملية التفاوض شهدت تراجع إسرائيل عن بعض مطالبها، ولا سيما تلك المتعلّقة بالمساعدات التي سيجري إدخالها، خلال الأيام الأولى للهدنة، على أن يُسمح بإدخال كميات كبيرة من غاز الطعام والوقود، إلى جانب الاستعداد لتسهيل عملية إدخال العديد من المساعدات النوعية التي لم تدخل إلى القطاع منذ بدء الحرب. وبعدما زار وفد مصري تل أبيب، نهاية الأسبوع الماضي، وصل إلى القاهرة، أمس، وفد إسرائيلي لعدّة ساعات لمناقشة وبلورة النقاط الأخيرة في ما يتعلّق بصفقة تبادل الأسرى، وذلك بعد تسليم «حماس» والفصائل، قائمة كاملة بالأسرى الذين ترغب في الإفراج عنهم بموجب الصفقة الجديدة، وفي ظلّ وجود تحفّظات لدى الاحتلال على بعض التفاصيل.
في هذا الوقت، أبدى الاحتلال مرونة إزاء الانسحاب من بعض المناطق في قطاع غزة، رافضاً الانسحاب الكامل، وهو الأمر الذي كانت تجري صياغته بحيث تكون نقاط تمركز العدو ثابتة في القطاع بشكل مؤقّت كبديل من الانسحاب، باشتراط عدم تعرّضها للفصائل والعكس، وهو أمر كان محلّ نقاش تفصيلي خلال زيارة الوفد الإسرائيلي، يوم أمس. وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن الزيارة التي كانت مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى المنطقة، كان سيجري في خلالها إعلان «التوصّل إلى اتفاق الهدنة قبل نهاية الأسبوع الجاري، لكن تعليق المفاوضات بعد استهداف يوم أمس يشير إلى صعوبة تحقيق هذا الهدف في القريب العاجل»، فيما «تعمل القاهرة، من خلال اتصالاتها، على طلب ضبط النفس من مختلف الأطراف لتجنّب التصعيد».