صنعاء | في ظل غياب لافت لتحالف «حارس الازدهار» الذي شكّلته أميركا في البحر الأحمر لحماية السفن المتّجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، واصلت قوات صنعاء البحرية منع السفن التي تنقل البضائع إلى إسرائيل من عبور البحر الأحمر، ما وضع شركات الشحن العالمية أمام حقيقة عجز واشنطن عن حماية سفنها، واضطرارها بالتالي إلى رفع رسوم الشحن. وحذّرت القوات المسلحة اليمنية، «العدو الأميركي» أو غيره، من أي اعتداء أو إجراء يمثّل حماية للسفن التجارية التي تذهب إلى الكيان الصهيوني، مؤكدة أن أي اعتداء من هذا النوع لن يمرّ دون ردّ أو عقاب. وجاء ذلك التحذير الذي يأتي في إطار التهيئة للرد على الاعتداء الأميركي على عناصر البحرية اليمنية، الأحد الماضي، على لسان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلّحة، العميد يحيى سريع، في بيان أعلن فيه أن القوات البحرية اليمنية أفشلت محاولة جديدة لسفينة تابعة لمجموعة «سي إم آ سي جي إم» الفرنسية العملاقة للشحن، عبور البحر الأحمر، بعد رفض طاقمها الاستجابة للنداءات التحذيرية التي وُجّهت إليه عبر جهاز الراديو، كما للرسائل التحذيرية النارية، ما دفع بالقوات البحرية إلى تنفيذ عملية عسكرية نتج منها وقف السفينة بالقوة.وأعلنت شركة الأمن البحري البريطانية «إمبري»، بدورها، أنها تلقّت بلاغاً بوقوع ثلاثة انفجارات في هجوم جديد على سفينة شحن أجنبية. كما أكدت «هيئة العمليات التجارية البحرية البريطانية» تعرّض السفينة التي ترفع علم مالطا لهجوم قرب ميناء عصب الإريتري على الضفة الأخرى لباب المندب. ووفقاً لمراقبين، فإن مكان الهجوم يحمل رسالة تحدّ من قبل قوات صنعاء، تؤكد قدرتها على تنفيذ عمليات ضد السفن في أيّ نقطة في البحرَين الأحمر والعربي، وخاصة أن جميع البوارج الأميركية والغربية تتمركز بالقرب من السواحل الإريترية التي توجد فيها قواعد أميركية وإسرائيلية. ورغم وجود تلك القوات بشكل كثيف، إلا أنها لم تكن قادرة على اعتراض هجوم يمني ضد سفن الكيان. وتوضح مصادر ملاحية يمنية، في تصريح إلى «الأخبار»، أن عدداً من السفن التابعة للشركة الفرنسية «سي إم آ سي جي إم» مرّت من دون اعتراض من قبل القوات البحرية اليمنية كون وجهتها لم تكن إسرائيل، باستثناء السفينة «تيج» التي كانت متّجهة إلى أحد موانئ الاحتلال. وقبل ذلك، مرّت سفن تابعة لشركة «ميرسك» الدانماركية إلى وجهات مختلفة. وكان قد تم، بحسب المصادر، منع مرور سفينة «هنغروا» التابعة لشركة «ميرسك» التي كانت متّجهة إلى أحد موانئ الاحتلال، الأحد الماضي.
اللافت في العملية التي حصلت، أمس، غياب القوات الأميركية عن مسرح الأحداث في البحر الأحمر، لأول مرة منذ إعلان تشكيل تحالف «حارس الازدهار» لحماية الملاحة الإسرائيلية. ووفقاً لمصادر عسكرية مطّلعة، فإن الغياب الأميركي الواضح يعكس مخاوف البحرية الأميركية من ردة فعل يمنية، ولا سيما أن الزوراق الثلاثة التي استُهدفت من قبل بوارج أميركية كانت في مهام أمنية روتينية وليست في استعداد قتالي. واكتفت القيادة المركزية الأميركية بالرصد وليس الحماية، وأصدرت بياناً قالت فيه إنها رصدت انطلاق صاروخين بالستيين جنوب البحر الأحمر من مناطق سيطرة «الحوثيين». ولم تتحدّث عن استجابة البوارج التابعة لها لنداءات استغاثة من طاقم السفينة. وللمرة الأولى، لم تشر القوات الأميركية إلى قيامها بتقديم المساعدة للسفينة أو اعتراض الصواريخ كالمعتاد، مع أنها تحتفظ بالعديد من المدمرات في الجوار، وعلى رغم قيامها بتطمين عدد من الشركات الملاحية الدولية إلى تقديم الحماية لسفنها في البحر الأحمر. وأدى رهان عدد من تلك الشركات على حماية التحالف إلى تعرض سفنها لهجمات من قبل قوات صنعاء. ووفقاً لشركة «فرايت ويفز» المتخصصة في بيانات سلاسل التوريد، فإن شركة «ميرسك» راهنت على أن القوة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة سوف توفر لها المرور الآمن عبر البحر الأحمر، لكن رهانها فشل.
شركات شحن عالمية ترفع رسوم الشحن إلى المتوسط بمقدار الضعف


في هذا الوقت، وفي مسعى منها لتحييد البحر الأحمر ومضيق باب المندب من الصراع، طالبت أميركا وبريطانيا مجلس الأمن بعقد جلسة خاصة لمناقشة الوضع في البحر الأحمر، بعد فشل الضغوط السياسة والتهديدات في فك الحصار الذي تفرضه صنعاء على الملاحة الإسرائيلية. في المقابل، وبنتيجة ما يحدث في البحر الأحمر، أعلنت شركة «سي أم آ سي جي أم» أنها ستزيد رسومها بمقدار الضعف اعتباراً من 15 كانون الثاني الجاري لعمليات الشحن بين آسيا والبحر المتوسط. وسترفع الشركة تسعيرة نقل حاوية يبلغ طولها 40 قدماً من آسيا إلى غرب البحر الأبيض المتوسط، من ثلاثة آلاف إلى ستة آلاف دولار، وكذلك حاوية يبلغ طولها 20 قدماً، من ألفَين إلى 3500 دولار. أما بالنسبة إلى نقل حاوية بطول 40 قدماً من آسيا إلى شرق البحر المتوسط، فستزيد التسعيرة من 3200 إلى 6200 دولار. كذلك، رفعت «شركة البحر الأبيض المتوسط للشحن» MSC الإيطالية السويسرية رسومها منذ الأول من كانون الثاني، لتغطية نفقات إطالة رحلات سفنها التي باتت الآن تدور حول أفريقيا بدلاً من العبور في البحر الأحمر، وصولاً إلى قناة السويس. من جانبها، أعلنت شركة «هاباغ - لويد» الألمانية للشحن أن إجراء تعليق المرور في البحر الأحمر سيبقى سارياً، أقلّه حتى التاسع من كانون الثاني.