صنعاء | استنفدت الولايات المتحدة خياراتها كافة لفكّ الحصار الذي تفرضه القوات اليمنية على إسرائيل. فبعد أن فشلت سياسة الترهيب والترغيب في ثني صنعاء عن إجراءاتها ضدّ السفن الإسرائيلية أو المتّجهة إلى الموانئ المحتلة، حاولت تحريك مجلس الأمن تحت ذريعة تصاعد المخاطر على التجارة الدولية في البحر الأحمر، ثمّ جاء البيان الذي أصدرته 12 دولة تتصدّرها الولايات المتحدة ولوّحت فيه باستخدام القوة لفرض وقف العمليات اليمنية، ليزيد احتمالات وقوع عدوان أميركي على اليمن. وغداة البيان الذي أصدرته أميركا وأستراليا والبحرين وبلجيكا وكندا والدنمارك وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا ونيوزيلندا وبريطانيا، نفت صنعاء المزاعم حول تأثّر الملاحة الدولية في البحر الأحمر. وأكد مصدر في وزارة النقل التابعة لها، لـ«الأخبار»، عدم وجود أضرار جسيمة بالشكل الذي تسوّقه واشنطن في إعلامها، لافتاً إلى أن الحركة اليومية للسفن وناقلات النفط والبتروكيماويات في الخطّ الملاحي الدولي في قناة السويس والبحر الأحمر لم يتضرّر بشكل كبير، محمّلاً واشنطن ولندن مسؤولية ارتفاع تكلفة الشحن البحري، نتيجة إثارتهما التوتّر فيه. ودعا المصدر دول الغرب إلى توفير تهديداتها وضغوطها، لإنهاء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما يكفل وقف التصعيد العسكري في البحر الأحمر، محذّراً من تداعيات أي عدوان عسكري أميركي على الأراضي اليمنية. واعتبر المصدر أن ما جاء في بيان الدول المشاركة في تحالف «حارس الازدهار»، مساء أول من أمس، من تهديد بشن هجمات عسكرية ضد اليمن، سيقود نحو تصعيد غير محمود العواقب في أهمّ الممرات الملاحية في المنطقة.
التهديد بشنّ حرب ضدّ اليمن سيقود نحو تصعيد غير محمود العواقب (من الويب)

وفي الاتجاه نفسه، بيّنت الإحصائيات المعلنة من قِبل سلطات قناة السويس المصرية، هي الأخرى، أن الولايات المتحدة تُبالغ في الحديث عن الأضرار الناجمة عن عمليات صنعاء، والمحدّدة بمنع مرور السفن المتّجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة، على الملاحة الدولية. وفي حين أكد رئيس «هيئة قناة السويس»، الفريق أسامة ربيع، في تصريح صحافي، انتظام الملاحة في القناة وعدم تضرّرها بصورة كبيرة جرّاء حالة التوتر في البحر الأحمر، وأن نحو 80 سفينة تمرّ بشكل يومي من دون توقف، قال رئيس شعبة النقل الدولي في الغرفة التجارية في القاهرة، عمرو السمدوني، في تصريح مماثل، إن التوترات التي شهدها البحر الأحمر لم تؤثّر على نحو جسيم على الملاحة في قناة السويس. وأوضح أن السفن التي حوّلت مسارها بعيداً من القناة في كانون الأول الماضي، بلغ عددها 76، في حين أن عدد تلك التي عبرت بلغ 2128. وكانت إدارة «السويس» قد أكدت، في تصريحات سابقة، عبور 2264 سفينة في تشرين الثاني الماضي، مقارنة بـ2171 سفينة في الشهر نفسه من عام 2022، وهو ما ينفي مزاعم واشنطن التي تتعمّد تحريض المجتمع الدولي على صنعاء، وتحاول إثارة مخاوف شركات الملاحة الدولية من عبور الممرّ الملاحي الدولي في البحر الأحمر، لفك الحصار على إسرائيل.
ووفقاً لوسائل إعلام أميركية، فإنّ الجيش الأميركي أعدّ خيارات لشن هجوم على اليمن، فيما عقد الرئيس الأميركي، جو بايدن، اجتماعاً لفريق الأمن القومي في البيت الأبيض، قبل أيام، لبحث خيارات التعامل مع «الحوثيّين». وكانت الولايات المتحدة كشفت، في الأسابيع الماضية، أنها تعمل مع شركائها على تنفيذ عمليات عسكرية لشلّ قدرات حركة «أنصار الله» العسكرية، إلّا أن الإعلام الأميركي يعترف بصعوبة تلك المهمة، ويشير إلى أن تداعيات أي اعتداء أميركي ستكون باهظة الثمن على الاقتصاد الأميركي.
من جهته، اتهم عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، علي القحوم، في تصريح إلى «الأخبار»‏، «مجلس الأمن بالعجز عن حماية الشعب الفلسطيني من جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الكيان الإسرائيلي. ورغم هذا العجز المخزي، يحاول تمرير توجهات وسياسات أميركا وبريطانيا العدائية تجاه اليمن». وسخر القحوم من حديث المندوبين الأميركي والإسرائيلي في المجلس عن تجاوز اليمن للقانون الدولي في البحر الأحمر، مؤكداً أن التهديدات الأميركية والبريطانية ضدّ اليمنيين لن تثنيهم عن استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، لأن «هذه العمليات قانونية وفقاً للقانون اليمني»، لافتاً إلى أن «من يهدّد الملاحة البحرية هو الوجود العسكري الأميركي والبريطاني في البحر الأحمر».
وفي تطور عسكري لافت، أطلقت القوات البحرية اليمنية مسيّرة سطحية بدون بحّار محمّلة بالمتفجرات انفجرت في ممر شحن دولي في البحر الأحمر، أمس، في أول استخدام لمثل هذا السلاح، حسب ما أفاد قائد القوات البحرية الأميركية في الشرق الأوسط، براد كوبر، للصحافيين، مضيفاً أنه «لحسن الحظ، لم تقع إصابات ولم تُصَب أي سفن». وأشار إلى أن هذا الهجوم هو الخامس والعشرون الذي يستهدف سفناً تجارية مبحرة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن منذ 18 تشرين الثاني الماضي.