الداعون إلى الإبادة ليسوا أصواتاً «نشازاً»، بل إنّ نتنياهو يقف على رأسهم
وتعليقاً على استخدام نتنياهو مصطلح «العماليق» الذين يسعون وفقاً للتوراة إلى «إبادة اليهود»، رأى كرمنيتسر أن هذا الاستخدام «مسيء إلى الديانة اليهودية؛ إذ يشرعن أخطر المحظورات باسمها»، معتبراً أنه «ينبغي اجتثاث التديّن المتصاعد في الجيش وخارجه من الجذور. ولا ينبغي للجيش أن يسمح لنفسه بالاستسلام لذلك عبر التجاهل»، في إشارة إلى تيار الصهيونية الدينية المتنامي. كما اعتبر أنه «باستمرار (الإسرائيليين)، ومن ضمنهم أحزاب المعارضة، في رفض السلام، سيكون مصيرنا مشابهاً لمصير نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والذي انتهى بطرد الأخير من المدينة»، في إشارة إلى «المجتمع الدولي». مع ذلك، نبّه الخبير القانوني إلى أنه إذا أصدرت المحكمة الدولية قراراً ضدّ إسرائيل، فإن ذلك «سيكبّل أيدي» الأخيرة، «مبقياً لحماس نطاقاً لممارسة العمل العدواني»، وهو ما سيجعل من المحكمة «جانباً يقف في صف المعتدي، وضد ضحايا هجوم حماس في الماضي والحاضر والمستقبل». والأمر «الأخطر»، بحسبه، هو أن المحكمة «ستضع نفسها في جانب الخاطفين وضد المختطفين، وستسعى ضد الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس»، لافتاً إلى أن دعوى جنوب أفريقيا «غيّبت حماس»، علماً أن الطاقم القانوني الجنوب أفريقي أدان هجوم «طوفان الأقصى».
من جهته، رأى النائب السابق للمستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية في شؤون القانون الدولي، روعي شايندروف، أن «حجج الطاقم القانوني الجنوب أفريقي لم تكن مفاجأة»، معتبراً أن هذا الأخير «لم يرتكب أخطاء جسيمة»، وبالتالي فإنّ دحض إسرائيل لحججه «تحدٍّ ينبغي التعامل معه». وأعرب عن اعتقاده بأن ثمة «تنافساً بين الروايات»، وهو أكبر من أن يكون «مجرّد حجج قانونية وتقنية»؛ وبالتالي، «سيتعيّن على إسرائيل تقديم روايتها بشكل جيّد»، وهي أنها «لم تختر الحرب، بل فُرضت عليها بعد ارتكاب حماس أعمالاً فظيعة، وبالتالي هي تدافع عن نفسها». ووصف عرض الطاقم الجنوب أفريقي أشرطة مصوّرة تظهر جنود الجيش الإسرائيلي في غزة وهم يتفاخرون بالقتل بأنه «تلاعب»؛ إذ تدّعي إسرائيل أن الأصوات التحريضية على القتل والإبادة «لا تعكس السياسة الرسمية».
أما النائب السابق للمدعي العام، المحامي يهودا شيفر، فوصف الاستراتيجية التي اعتمدها الطاقم القانوني لجنوب أفريقيا، بأنها «قذف للوحل كيفما كان، على أمل أن يلتصق بشي ما»، وذلك «لعرضهم مقاطع فيديو من تطبيق تيك توك نشرها جنود، فضلاً عن تصريحات غير مسؤولة لسياسيين وتقارير مشكوك فيها». واعتبر أن جزءاً كبيراً من الإجراءات عبارة عن «محاكمة صوية سياسية؛ فقد عادت جنوب أفريقيا إلى تصرفات إسرائيل منذ عام 1948، والتي لا صلة لها بفحوى المناقشات الدائرة في الجلسة»، مشككاً في أن تنجح المحكمة، بعد سنوات من استمرار هذه الجلسات، «في إثبات أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية». مع ذلك، رأى أن «النجاح بالنسبة إلى جنوب أفريقيا يكون في أنها تستمر في إظهار أننا في المنطقة الرمادية، ما سيعزز ميل المحكمة إلى إصدار أوامر مؤقتة للحؤول دون مقتل عدد أكبر بكثير». ومن هنا، شدّد أن على إسرائيل «إقناع المحكمة بأن لدينا آليات للتحقيق في جميع القضايا في المنطقة الرمادية؛ فهناك نظام من المستشارين القانونيين العسكريين، وشرطة تحقيق عسكرية ومكتب مدعٍ عسكري مستقلّ. وفوق كل ذلك، هناك المحكمة العليا، التي يمكنها تلقي الالتماسات الفلسطينية ومناقشتها»، وهو ما يجب، بحسبه، أن «تمنحه المحكمة الدولية وزناً، لأن هذه الآليات (القانونية في إسرائيل) لا توجد في أي دولة أخرى».
إلى ذلك، اعتبرت الخبيرة في القانون الدولي، تمار مغيدو، أن «حجة النفاق (في اتهام نتنياهو لجنوب أفريقيا) لن تخدم إسرائيل في المحكمة، بل ستضرّها فعلياً؛ إذ إن كُثراً في العالم يرون الأمور بالعين التي تنظر فيها جنوب أفريقيا (إلى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل)».