القاهرة | تشهد العلاقات المصرية - الإسرائيلية، منذ نهاية الأسبوع الماضي، توتّراً غير مسبوق على الصعيد الديبلوماسي، في ظلّ التراشق الإعلامي بين الطرفَين، وخصوصاً بعدما اتّهمت تل أبيب، القاهرة، أمام «محكمة العدل الدولية»، بعدم فتح معبر «رفح». ويأتي ذلك في وقت يُنظر فيه باهتمام إلى الموقف الأميركي، في ضوء أحاديث استخباراتية عن ضغوط تمارسها واشنطن لدعم المعارضة الإسرائيلية وإطاحة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أملاً بانتهاء الحرب. وهاجمت مصر، عبر رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات»، ضياء رشوان، في بيان، الموقف الإسرائيلي بشكل واضح، متّهمةً الكيان العبري بالمسؤولية الكاملة عن عرقلة إيصال المساعدات، ومؤكّدة أنها عازمة على إرسال ملفّ متكامل إلى «العدل الدولية» من أجل تفنيد الادّعاءات الإسرائيلية، يجري إعداده من قِبَل جهات على أعلى مستوى.ووفق مصادر «الأخبار»، فإن مستوى التنسيق والتواصل بين الجانبَين، انخفض بشكل كبير في الأيام الماضية، على خلفية السجال الإعلامي بينهما. وتشير المصادر إلى أن مسؤولين أمنيين إسرائيليين طلبوا من نظرائهم المصريين الموافقة على توقيع اتفاق أمني في شأن محور فيلادلفيا، من أجل تحقيق تقدُّم في مسار التفاوض. لكن القاهرة رفضت الحديث عن أيّ تغيير في الاتفاقات الموقّعة، قبل الوقف الكامل لإطلاق النار. وفيما أبلغت إسرائيل، مصر، بعدّة تحرّكات على المحور في الأيام المقبلة، عبر فريق التنسيق الأمني المشترك، إلا أن التفاصيل الكاملة لهذه التحرّكات لم تقدَّم إلى الجانب المصري، في الوقت الذي دخلت فيه أسلحة ثقيلة إضافية إلى شمال سيناء، وتحديداً إلى الشريط الحدودي المدرَج ضمن المنطقة «ج»، وفق المصادر.
في هذا الوقت، يَعمل فريق التفاوض المصري - القطري على معالجة عدّة مسائل، من بينها صياغة تعديلات على المبادرات الداعية إلى وقف إطلاق النار في غزة، فيما جرى فتح قنوات اتصال مع مسؤولين سياسيين إسرائيليين في المعارضة، بالتزامن مع الحديث الأميركي الذي نقله وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، إلى القاهرة، بالتأكيد على إعطاء أولوية لوقف إطلاق النار. وعلى هذه الخلفية، شهد اليومان الماضيان اتصالات مكثّفة بين القاهرة والدوحة، وعدد من قادة الفصائل، إلا أنها لم تسفر عن رؤية واضحة؛ إذ لم يبدِ الجانب الإسرائيلي أيّ تسهيلات في التفاوض الذي جرى مع القطريين، وسط تأكيد مصري أن القرار السياسي الذي يحمله المفاوضون القادمون من تل أبيب، يتمحور حول عدم التوصّل إلى أيّ حلول، والاكتفاء بالجدال حول موضوع الأسرى، وهو ما تعتبره مصر «إضاعة للوقت». لذا، فهي رفضت، خلال تلك المناقشات الاستخباراتية، طروحات إسرائيلية من قبيل هدن قصيرة الأمد.
وعلى خطٍّ موازٍ، تتحرّك مصر لإدخال مزيد من المساعدات عبر معبر «رفح»، بعد الطلب من دول عربية عدّة، وخاصة الإمارات والسعودية، زيادة كمية المساعدات المرسلة من جانبهما، وحتى لا تتأثّر السوق المصرية بنقص بعض السلع نتيجة كميات المساعدات المرسلة إلى قطاع غزة. وتشير مصادر مصرية، في هذا الإطار، إلى أن نحو 70% من المساعدات التي وصلت إلى القطاع، حتى الآن، تحمّلت كلفتها حكومة البلاد وحدها، ما يزيد العبء على الاقتصاد المصري، وخصوصاً في ظلّ الأزمة الخانقة التي يرزح تحتها، فضلاً عن تأخّر وصول المساعدات الإنسانية عبر «الأمم المتحدة». كذلك، جهّزت مصر عدداً من الشاحنات للعبور إلى القطاع يومياً، وذلك بهدف استغلال الأوقات المسموح فيها بالعمل، في حين يجري التنسيق لإيصال فريق أممي خلال الأيام المقبلة من أجل متابعة عملية إيصال المعونات.
ووفق مصدر تحدث إلى «الأخبار»، فإن القاهرة ترى أن الوقت الحالي ليس مناسباً للحديث عن أيّ وقف لإطلاق النار، كوْن الأمر قد يستغرق وقتاً إذا استمرّ الموقف الإسرائيلي على حاله، بينما تعمل على صياغة تصوّرات ورؤى لإدارة الوضع في غزة في الفترة المقبلة عبر فريق من المختصّين، وسط مساعٍ للحصول على دعم مالي يوفّر أساسيات الحياة إلى حين البدء في مرحلة إعادة الإعمار.