غزة | بعد مرور 100 يوم على الحرب، و78 على التوغّل البري، تزداد الوقائع الميدانية تعقيداً بالنسبة إلى جيش العدو؛ ففيما تَغرق الدبابات الإسرائيلية في متاهة منطقتَي الجنوب والوسطى، عاد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ليقرّ، أول من أمس، بأن العمل في مناطق شمال وادي غزة لم ينتهِ، ثم كرّر الناطق باسم الجيش، الإقرار بالفشل، بصيغة أكثر وضوحاً وحدّة، حين أعلن أن حركتَي «حماس» و«الجهاد» أعادتا بناء الخلايا الميدانية في شمال القطاع. ويوم أمس، قرّرت «كتائب القسام» أن تؤكد المؤكد، إذ أَطلقت رشقة صاروخية كبيرة من منطقة حدودية في شمال غزة تسيطر عليها الدبابات الإسرائيلية بالنار، تجاه مدينة أسدود المحتلّة. وعلى هذه الخلفية، أصيبت الآليات الإسرائيلية والطيران الحربي بالجنون، فبدآ، منذ ظهر يوم أمس وحتى ساعات المساء، حفلةً من القصف المدفعي والجوي، طاولت تجمّعات الأهالي في بيت لاهيا وبيت حانون.أمّا في جنوب القطاع، فقد أَظهر مقطع مصوّر وزّعه الإعلام العسكري، مساء السبت، نموذجاً من الطريقة التي يسير عليها القتال، حيث يبدي المقاومون عزماً وشجاعةً منقطعَي النظير: يقف المقاوم على بعد 10 أمتار فقط من دبابة «الميركافا»، ومن دون أيّ ساتر وعائق، ثم يُطلق مقذوف «الياسين 105»؛ وفي مشهد آخر، يلاحق مقاوم شاب دبابة أخرى بعبوة العمل الفدائي، فتتحرّك الدبابة محاولةً دهسه، لكنه يقترب منها أكثر، ويضع العبوة ثم يختفي في غبار الانفجار الكبير. وبالنسبة إلى دبابة الهندسة التي تحوي كمية كبيرة من المتفجرات، فلم تسلَم هي الأخرى من استهداف بعبوة «شواظ»، تسببت في تدميرها تماماً ومقتل مَن فيها. على أن كل تلك المشاهد، وفق ما يؤكد مصدر في «القسام»، ليست سوى ما استطاعت كاميرا الإعلام العسكري توثيقه من عمليات، وهو نسبة قليلة جداً من حجم العمل الميداني، الذي تحدّث عنه الناطق باسم «الكتائب»، أبو عبيدة، ليلة أمس، مؤكداً أن «القسام استهدفت نحو 1000 دبابة خلال 100 يوم من القتال».
بدأ العدو يدرك أخيراً أن حجم الإنجاز لا يمكن قياسه بالعمق الذي تستطيع دباباته الوصول إليه


في جنوب القطاع، بدأ العدو يدرك أخيراً أن حجم الإنجاز لا يمكن قياسه بالعمق الذي تستطيع دباباته الوصول إليه، أي ببلوغ قلب الأحياء المأهولة. وهو أدرك بتأخير امتدّ 1000 دبابة، أن العبور السريع يقود إلى تكلفة كبيرة لجهة الخسائر في عديد الجنود والآليات، إذ إن تكتيك المقاومة القائم على المرونة الشديدة انتقل بالمقاومين من الاستماتة في عرقلة تقدّم الدبابات، مع ما يتطلّبه ذلك من خسائر بشرية كبيرة، إلى ترشيد العمل الميداني في ذروة الهجوم، ثم الانتقال إلى الزخم وقتال الشوارع والأزقّة، في اللحظة التي تستقرّ فيها الدبابات وتشرع في صناعة خطوط التماس والتموضع الجديدة.

أبو عبيدة يطمئننا
ظهر الناطق العسكري باسم «القسام»، يوم أمس الأحد، ملقياً خطاباً شاملاً بعد مضيّ 100 يوم من الحرب، أشار فيه إلى أن بعض الملاحم التي لم تَنشر «القسام» تفاصيلها بعد، تكبَّد فيها العدو خسائر كبيرة. كذلك، لمّح أبو عبيدة إلى أن سلاح المقاومة لا يزال بخير، وخصوصاً أن كل ما استخدمته في المعركة هو من التصنيع المحلّي لـ»الكتائب»، ومعنى هذا أن السلاح موجود وبوفرة لا قلق من نفادها. وممّا أشار إليه أيضاً، أن مساحة المعركة في الأيام المقبلة ستتجاوز حدود القطاع على نحوٍ أكثر زخماً. وفي هذا الإطار، قال «إننا نحيّي المقاومة في لبنان واليمن والعراق وننعى شهداءهم»، مضيفاً أنه «جاءتنا رسائل المقاومة بتوسيع عملياتها في قادم الأيام مع استمرار العدوان على غزة».