«الجزيرة» في حالة ترقّب وحذر. خلاصة يخرج بها مَن يتابع ملف المحطة القطرية، التي يبدو أنها بدأت التحضير لمقاربة تحريرية جديدة لفترة ما بعد العدوان على غزة. الشبكة التي خسرت الكثير من المشاهدين على إثر اصطفافها السياسي في ما سمّي بـ «الربيع العربي» قبل أن تستعيد زخمها مع تغطية «طوفان الاقصى»، تعيش اليوم امتحاناً للحفاظ على هذه المكتسبات في ظلّ الضغوط الاميركية التي تتعرّض لها في ملفّ تغطية الحرب على غزة والسقف العالي الذي اتخذته في نقل المحرقة الحاصلة منذ أكثر من مئة يوم، وبروز مراسليها الغزيين على رأسهم وائل الدحدوح. لقد تحوّل «أبو حمزة» إلى أيقونة في ثباته ووطنيته وإصراره على مواصلة واجبه في نقل الجرائم التي يرتكبها العدو في القطاع بحق المدنيين. عُرف المراسل بثباته أمام المصائب التي مُني بها (الأخبار 27/10/2023). في بداية العدوان، استهدف العدو عائلته، فاستشهدت زوجته وإبنه وابنته وحفيده.

وقبل عشرة ايام، استشهد إبنه حمزة الذي بدأ العمل معه في «الجزيرة» منذ إندلاع العدوان، مع زميله مصطفى الثريا مصور الفيديو خلال قيامهما بواجبهما المهني (الأخبار 9/1/2024). برز إسم الدحدوح كصحافي حمل دمه على كفه، لكن بعض الجهات في «الجزيرة» وخارجها، حاولت استثمار نضاله سياسياً وإعلامياً.
«نوّرت يا وجّ السعد» عبارة أجمع عليها المعلّقون المصريون أول من أمس، احتفالاً بدخول الدحدوح الاراضي المصرية قبل أن يتوجّه إلى الدوحة، لتلقي العلاج بسبب اصابة في يده تعرّض لها بعد إستهداف العدو الاسرائيلي هو وزميله المصوّر الشهيد سامر أبو دقة (1978ـــــ 2023). في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أنّ الدحدوح وصل الى الدوحة لتلقي العلاج لفترة غير محدّدة، ومن ثم سيعود إلى غزة لمواصلة عمله. وكان الصحافي الفلسطيني قد رفض بدايةً السفر إلى الخارج تضامناً مع معاناة أهله في غزة، لكنّ اصابته الدقيقة أجبرته على ترك بلده بسبب قطع في أوتار يده، مما يهدّد بشلّ حركتها. وتوضح المصادر بأنّ سفر الدحدوح سيكون بمثابة «إستراحة محارب»، خصوصاً أنّ مستشفيات غزة توقفت عن العمل بسبب الحصار الاسرائيلي.
سيطلّ في مجموعة برامج في الفترة المقبلة


على الضفة نفسها، تلفت المصادر إلى أنّ الضغوط الأميركية اشتدّت على «الجزيرة»، خصوصاً مع خسارة اسرائيل العسكرية والسياسية وكذلك معركة الرأي العام. وعلى رأس المطالب الاميركية إجراء تعديلات على إدارة «الجزيرة» التحريرية، تكون منحازة للسياسة الأميركية، وتحاولة محو صور الجرائم من ذاكرة المشاهدين، مع ابعاد الدحدوح قليلاً بحجة وضعه الصحيّ. وتشير المصادر إلى أن الدحدوح سيطل في مجموعة برامج على «الجزيرة» في الفترة المقبلة، بينما سيغيب عن تغطية العدوان في غزة. وهذا الأمر سيفقد «الجزيرة» بريقها، خصوصاً أنّ المشاهدين قد وجدوا في الصحافي الفلسطيني تجسيداً لغزة، في صموده واستمراره رغم المعاناة.
في المقابل، تشير معلومات إلى وقوع خلاف بين مجموعة من الموظفين في «الجزيرة» من جهة، ومدير مكتب القناة في فلسطين وليد العمري من جهة أخرى، على خلفية تعاطيه مع قضية استشهاد الصحافيين في غزة، خصوصاً بعدما شكر العمري وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الاسبوع الماضي على تعاطفه مع الدحدوح «على إثر مقتل عائلته» (الأخبار 10/1/2024) على حد قوله!