وعُرض المقترح الجديد، مساء أمس، على «الكابينت»، لكن الأخير فشل في اتّخاذ قرار بشأنه، ليتأجل التصويت عليه مرة أخرى، على غرار ما حصل ليل الخميس - الجمعة، حين عارضه وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير. وبحسب «القناة الـ13» العبرية، فإن هذه المسألة شكّلت أحد أسباب انقطاع الاتصالات بين رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي، جو بايدن، في الأسابيع الأخيرة، إذ طلب الثاني من الأول تحويل مستحقات السلطة على النحو المعتاد، ولكن الضغط الذي مارسه سموتريتش دفع نتنياهو إلى رفض ذلك، وهو ما أثار حفيظة بايدن. كما شكّلت مسألة أموال المقاصة أحد عناوين أجندة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في جولاته المكوكية في المنطقة منذ السابع من أكتوبر.
دائماً ما اقتطعت إسرائيل مبالغ مالية كبيرة من أموال المقاصة بدعاوى مختلفة
وتكشف الآلية الجديدة رغبة سموتريتش في التحكّم في أموال السلطة، وهي جاءت بعد أسابيع من رفضه أخرى اقترحها مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أثناء زيارته للمنطقة، تخوّل السلطة إرسال أموال إلى موظفيها في غزة، بعد تحقّق إسرائيل من هويات المستفيدين. وتجبي إسرائيل أموال الضرائب والجمارك المفروضة على السلع الفلسطينية المستوردة من الخارج، نيابة عن السلطة الفلسطينية، مقابل نسبة 3% مما تجمعه، وفقاً لما جاء في «اتفاقية باريس الاقتصادية» الموقّعة بين السلطة وحكومة الاحتلال عام 1994، والتي تعدّ الملحق الاقتصادي لـ«اتفاقية أوسلو». وبموجب ذلك، تتحكّم إسرائيل في الحياة الاقتصادية الفلسطينية، عبر سيطرتها على الموانئ والمعابر، والعمل بما يسمّى «الغلاف الجمركي الموحّد»، من دون اعتبار لمستوى النمو والتطور في الاقتصاد الفلسطيني الناشئ مقارنة بالإسرائيلي.
ودائماً ما اقتطعت إسرائيل مبالغ مالية كبيرة من أموال المقاصة بدعاوى مختلفة، كان آخرها تحويل تعويضات إلى الإسرائيليين ممّن وُصفوا بـ«ضحايا الإرهاب»، والذي تذرّع به سموتريتش، في 14 كانون الثاني الحالي، لحجز 3.1 مليون شيكل (أكثر من 800 ألف دولار). وقال سموتريتش تعليقاً على ذلك: «هناك أشياء لن يتمّ التراجع عنها أبداً»، مضيفاً أن «من يروّجون للإرهاب سيدفعون الثمن». ودأبت دولة الاحتلال، منذ سنوات، على اقتطاع ملايين من الدولارات، هي قيمة رواتب الأسرى وعائلات الشهداء والجرحى، والتي تدفعها السلطة الفلسطينية، محوّلةً تلك الأموال إلى أداة ابتزاز لرام الله، كونها تشكّل المورد المالي الأهمّ والأكبر للأخيرة (تشكّل ما بين 65 و70% من إيراداتها الإجمالية).
وإذ لم تُصدر السلطة الفلسطينية، حتى الآن، أيّ موقف إزاء الآلية الجديدة المقترَحة، فمن المتوقّع، بالاستناد إلى مواقفها السابقة، أن تقابلها بالرفض، خاصة إذا لم تنجح الأطراف الدولية، وتحديداً النرويج والولايات المتحدة، في الضغط على إسرائيل للسماح بتقديم أوسلو قرضاً لرام الله مقابل الأموال المحوَّلة إليها. وسبق للرئاسة الفلسطينية أن عدّت اقتطاع إسرائيل الأموال المخصّصة لغزة «جريمة حرب»، معلنةً أنها «لن تتخلّى عن شعبها سواء المعتقلين أو الشهداء أو احتياجات غزة كافة، ولن تتوقف يوماً عن تحويل أموال غزة المستحقّة، وستستمر في القيام بواجباتها لأهلنا في غزة في مجالات: الصحة، والتعليم، والمياه، والكهرباء، ورواتب العاملين في الحكومة الفلسطينية».