غزة | لا خبر مفاجئاً حتى اللحظة في كل ما ورد من معلومات عن مجريات الأحداث في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، حيث شاهد أهالي شمال وادي غزة، الذين عايشوا المرحلة الأولى من العملية البرية، بأمّ أعينهم ما يحدث اليوم في الجنوب. منذ يوم أمس، ضاعفت الطائرات الحربية من حدّة الغارات الحربية والأحزمة النارية في منطقة المواصي غرب خانيونس، والتي كانت إسرائيل قد طلبت من مليونَي إنسان النزوح إليها في بداية الحرب، بوصفها المنطقة الإنسانية الآمنة الوحيدة في غزة. هناك، حيث تجمّع نحو 30 ألف إنسان في خمسة مراكز إيواء كبرى، أهمها «جامعة الأقصى» ومركز التدريب التابع لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا)، علماً أن أكثرهم نزحوا عن مناطق شمال وادي غزة في بداية القتال.هؤلاء تعرّضوا طوال الليلة الماضية، لعمليات استهداف مباشر، بالقذائف المدفعية وطائرات «الكواد كابتر» التي أطلقت الرصاص الحي تجاههم. وبالتزامن مع ذلك، كانت المئات من الدبابات تعيد سيناريو شمال القطاع، في «مستشفى ناصر الحكومي»، إذ اقتحمت تلك الدبابات الحي النمسَوي، وحاصرت المستشفى الحكومي الوحيد في الجنوب بالنار. وفي الأثناء، كانت رحلة النزوح الكبرى تتجدّد، من مراكز الإيواء الغربية في اتجاه مدينة رفح.
ثمّة مخاوف من مخطط إسرائيلي لدفع النازحين في غرب خانيونس إلى رفح


وبحسب وزارة الصحة، فإن الوضع الطبي والمعيشي في «مستشفى ناصر»، «كارثي جداً»، حيث يفترش المئات من الجرحى الأرض، فيما تتسبّب صعوبة تحرك سيارات الإسعاف نتيجة استهدافها المستمر، باستشهاد الجرحى قبل وصولهم إلى المستشفى. كذلك، قالت «الصحة» إن المواطنين اضطروا لدفن 40 شهيداً في مقبرة جماعية في باحة المستشفى، بعدما تعذّر عليهم الوصول إلى مقبرة المدينة التي عاثت فيها دبابات الاحتلال خراباً. أما في المنطقة الغربية، فاقتحم جنود الاحتلال «مستشفى الخير» واحتجزوا الطواقم الطبية. ووفقاً لإحصائيات أولية نشرتها «الصحة»، فإن قوات الاحتلال ارتكبت أكثر من 19 مجزرة، تسبّبت بإصابة واستشهاد نحو 200 نازح. كما أعلنت «جمعية الهلال الأحمر» أن الدبابات الإسرائيلية حاصرت «مستشفى الأمل»، ومنعت الطواقم الطبية من التحرك لانتشال الشهداء والجرحى، فيما انقطع التواصل تماماً مع العاملين هناك.

رفح في الانتظار
الوقائع التي تسير عليها العملية البرية في خانيونس، ضاعفت من حالة الترقب والقلق في صفوف أكثر من مليون نازح في رفح، حيث يخشى النازحون من إعادة إنتاج تسلسل الأحداث، والذي بدأ في مدينة غزة ثم في محافظة الشمال، ثم في المنطقة الوسطى، وحالياً في خانيونس. وتقول أم محمد شبير، وهي نازحة عن خانيونس تسكن في خيمة قرب الحدود المصرية، في حديثها إلى «الأخبار»: «نحن خائفون من أن يكون هناك مخطط لدفع النازحين في غرب خانيونس إلى رفح، ثم يقومون بعملية تهجير جديدة تجاه الحدود المصرية. وبذلك، تنفذ خطة التهجير». وتتابع السيدة الخمسينية حديثها: «هناك 30 ألف نازح جدد في طريقهم إلى رفح، ومن شأن ذلك أن يضاعف من حدة المأساة الإنسانية. لا طعام هنا، ولا خيام تكفي لكل تلك الأعداد. الناس يبيتون في الشوارع والطرقات، فيما لا جهات حكومية تكترث».