صنعاء | تعمل الإمارات، في أكثر من اتجاه، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لكسر الحصار اليمني المفروض على إسرائيل. ولذا، تدفع أبو ظبي، التي انحازت إلى «تل أبيب» منذ 7 أكتوبر، نحو تفجير الأوضاع في جبهة الساحل الغربي منذ أسابيع. وكشفت مصادر استخباراتية في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن الإمارات التي موّلت إنشاء مطار جديد في مدينة المخا قبالة مضيق باب المندب غربي تعز، تقول صنعاء إنه قاعدة عسكرية جوية إماراتية بغطاء مدني، حاولت، في الأيام الماضية، نقل قيادات موالية لها كانت تشارك في المعارك التي تخوضها قوات «الدعم السريع» مع الجيش السوداني، جواً، إلى اليمن، إلّا أنّ صنعاء تمكّنت من إحباط العملية، وأجبرت الطائرة التي كانت تقل تلك القيادات على مغادرة الأجواء اليمنية. كما كشفت المصادر أن قوات صنعاء فرضت حظراً جوياً على مطار المخا، بعدما رصدت استخدامه لنقل الأسلحة، منذ أيام. وجاء هذا في أعقاب تسرّب معلومات إلى «أنصار الله» عن ترتيبات إماراتية تجري منذ أسابيع، بدعم أميركي وبريطاني وإسرائيلي، لإطلاق عملية عسكرية واسعة بمشاركة الفصائل التابعة لأبو ظبي في الساحل الغربي و«ألوية العمالقة» الجنوبية المدعومة منها. وستشمل العملية، وفقاً للمصادر، السواحل المطلّة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والواقعة في نطاق محافظتي تعز والحديدة، وذلك في إطار إشغال القوات اليمنية عن العمليات البحرية التي تشنها ضد السفن المتّجهة إلى الموانئ المحتلة منذ منتصف تشرين الثاني.
وتزامنت تلك التحركات مع بذل الإمارات مساعيَ موازية لكسر الحصار على إسرائيل، والتخفيف من تأثير القرار اليمني الذي فشلت خيارات واشنطن كافة، بما فيها العسكرية، في الحد من آثاره على الاقتصاد الإسرائيلي. وفي هذا الإطار، كشفت وسائل إعلام عبرية اعتزام دولة الاحتلال تنفيذ خطة التفاف على الحصار البحري اليمني، بالتعاون مع الإمارات والبحرين. كما أعلنت وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، في تصريحات صحافية، أن هجمات «أنصار الله» أجبرت العدو على إيجاد طرق بديلة للنقل، مشيرة إلى أن الطريق الخليجي البري الذي يربط الإمارات بإسرائيل بطول أكثر من ألفي كيلومتر، ويمر عبر السعودية والأردن، سيقلّل تكلفة تأخير وصول البضائع 12 يوماً، كما في حالة شحنات التجارة التي يتم نقلها عبر رأس الرجاء الصالح. وأشارت إلى أن الخط الجديد قلّص حجم الخسائر والاحتياجات في السوق المحلية الإسرائيلية.
أثارت محاولات الالتفاف على حصار صنعاء للملاحة الإسرائيلية، من قبل دول عربية، سخطاً شعبياً عارماً في اليمن


وأثارت محاولات الالتفاف على حصار صنعاء للملاحة الإسرائيلية، من قبل دول عربية، سخطاً عارماً في الأوساط الشعبية والرسمية اليمنية، في اليومين الماضيين. واعتبر العشرات من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي أن الجهد الذي تقوم به الدولتان الخليجيتان من أجل تخفيف الحصار البحري على الكيان، يأتي في إطار الاستهداف غير المباشر للقرار الذي يدفع اليمن من أجله ثمناً باهظاً. كما لمّحت مصادر في مجلس النواب في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن المجلس يدرس إضافة الإمارات والبحرين وكل من يتعاون مع الكيان، إلى قائمة التصنيف التي وجّه بإعدادها قائد «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوع الفائت، والذي أكّد فيه أن صنعاء سوف تصنّف الأميركي والبريطاني وكل من يساند إسرائيل في قائمة الدول الحامية للإرهاب الصهيوني.
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قد أشارت إلى أن البحرين والإمارات لعبتا دوراً فاعلاً في تخفيف حدة تداعيات الهجمات اليمنية على السفن المتّجهة نحو موانئ الاحتلال، عبر فتح موانئهما لاستقبال سفن الشحن الإسرائيلية وإفراغها ونقلها عبر أسطول عربي يمرّ بالأراضي السعودية، ثم الأردن، وصولاً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأوضحت الصحيفة أن «هذه الخطوة أسهمت في تخفيض تكلفة مرور السفن عبر رأس الرجاء الصالح والدوران عبر أفريقيا والوصول إلى الموانئ الإسرائيلية، عبر طريق طويل يتطلب أكثر من 21 يوماً لكي تقطعه سفن الشحن القادمة إلى موانئ الكيان».
كما كان ناشطون سعوديون، منهم الخبير العسكري السعودي، أحمد الفيفي، قد أكدوا اعتزام السعودية إيجاد طرق بديلة من البحر الأحمر وخليج عدن عبر ميناءين خليجيين لنقل البضائع الإسرائيلية، وذلك في إطار التهيئة للتطبيع بين السعودية وإسرائيل. ووفقاً لمراقبين، فإن الخطوط الخليجية التي دُشّن العمل بها أو الأخرى التي سيتم إنشاؤها وتربط دول الخليج بالكيان، تأتي ضمن إستراتيجية أميركية أطلقها الرئيس، جو بايدن، من الهند في «قمة العشرين»، وتتضمن ربط الشرق بالغرب عبر الدول الخليجية وإسرائيل، إلّا أنّ تزامن الإعلان الإسرائيلي الأخير مع مفاوضات يحتضنها الاتحاد الأوروبي بين إسرائيل والسعودية على مستوى وزراء الخارجية، ربما يؤشر إلى ترتيبات جديدة في المنطقة.