رام الله | كثّفت قوات الاحتلال، أخيراً، عمليات نهب أموال عائلات الأسرى وممتلكاتهم في الضفة الغربية، بما يشمل الأموال النقدية والذهب والمركبات، والأجهزة الإلكترونية حتى، والتي وقعت ضحيتها مئات العائلات الفلسطينية حتى الآن. وفيما لا تتوافر بعد إحصائيات دقيقة لإجمالي قيمة السرقات، والتي ارتفعت بشكل ملحوظ بعد السابع من أكتوبر، فقد تحدّث «نادي الأسير الفلسطيني» عن «خسارات فادحة تقدر بملايين الشواكل (الدولار يساوي 3.75 شواكل)»، جنباً إلى جنب ما تدمره هذه القوات من ممتلكات داخل المنازل. وطاول أحد تلك الاعتداءات منزل الأسير نائل البرغوثي، والذي تعرض، في 15 كانون الثاني، للاقتحام والتدمير والتخريب على نطاق واسع. وتقول إيمان حامد، زوجة البرغوثي الذي يمضي في سجون الاحتلال عامه الـ46، رغم أنّه كان قد تحرر بموجب صفقة تبادل سابقة، قبل أن تعيد سلطات العدو اعتقاله في عام 2014، لـ«الأخبار»، إنّ قوات الاحتلال اقتحمت المنزل في الثالثة فجراً، وبدأ الجنود يسألون عمّا إذا كانت هناك أي أسلحة فيه، قبل أن يباشروا بتفتيشه. وتتابع أنّهم سرعان ما سألوا عمّا إذا كانت هنالك أموال في المنزل، وبعدما أخبرتهم بوجود ألفي شيكل فقط (أي ما يعادل الـ540 دولاراً)، مخصّصة لمصروف العائلة الشهري، صادروا المبلغ، ولم يتركوا لها سوى 200 شيكل، أي ما يعادل الـ54 دولاراً. وتردف: «فتشوا أرجاء البيت كلّها، وخربوا وكسروا محتوياته، وعاثوا فيه الخراب والدمار. كما فتشوا سيارتي الشخصية. وأثناء مغادرتهم، طلبوا مفتاحها وقادوها وصادروها». وقبل ذلك، طلب الجنود من إيمان التوقيع على ورقة، تفيد بأنّ «الأموال والمركبة التي جرت مصادرتها هي من أموال الإرهاب»، إلا أنّها رفضت طلبهم. أيضاً، لم يسلم منزل والدة الأسير مراد البرغوثي، المحكوم بالمؤبد 9 مرات، من بلدة كوبر في قضاء رام الله، من الاقتحام والتخريب. إذ صادر جيش العدو قرابة 15 ألف شيكل (4050 دولاراً) كانت فيه، من ثمن قطعة أرض باعتها والدته أخيراً، بهدف إصلاح المنزل. كما اعتدت قوات الاحتلال على منزل الأسير ربيع البرغوثي، وصادرت مركبة زوجته التي اشتراها لها والدها، لتستخدمها في نقل أولادها إلى مدارسهم. ومن جهته، بعدما تعرّض رامي ربحي البرغوثي، ابن بلدة كفر عين قضاء رام الله، للاعتقال في 25 تشرين الأول، في أعقاب كمين نصبه جيش العدو له، كسّر الجنود مركبة العائلة التي كان يقودها، واحتجزوها لساعات، قبل أن يسمحوا لزوجته بالمغادرة فيها. على أنّهم سرعان ما عاودوا، في وقت لاحق، اقتحام منزل العائلة، ومصادرة المركبة مجدداً. وفي التفاصيل، تروي نسيبة، زوجة رامي، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «قوات الاحتلال اقتحمت المنزل الساعة الواحدة ليلاً، وخرّبته وخرّبت منزل شقيق زوجها ووالدَيه، وصادرت مركبتها الشخصية، وسرقت قطع ذهب من منزل عائلة شقيق زوجها»، علماً أنّ هذه هي المرة الثانية التي تتعرض فيها مركبتها للسرقة على أيدي قوات الاحتلال بعد عام 2017. ورفضت نسيبة هي الأخرى التوقيع على ورقة تزعم أنّها اشترت سيارتها من «أموال الإرهاب».
تفاقم ممارسات قوات الاحتلال التعسفية الأعباء المادية على العائلات الفلسطينية


على هذا النحو، تصعد سلطات الاحتلال سياسة التضييق على عائلات الأسرى، والتي بدأتها منذ سنوات طويلة، كانت تعمد عبرها إلى قرصنة مخصصات عائلات المعتقلين والشهداء، من أموال الضرائب التي تجمعها لمصلحة السلطة الفلسطينية. ورغم أنّ تلك الممارسات التعسفية ليست بمستجدة، إلا أنها تفاقم، في هذه المرحلة تحديداً، الأعباء المادية والاقتصادية على العائلات الفلسطينية، على نحو غير مسبوق. وإضافة إلى تبرير الاعتداء على منازل الفلسطينيين، فإنّ جيش الاحتلال قد لجأ، أخيراً، إلى ذريعة مصادرة «الأموال التي تدعم الإرهاب»، في محاولة لمنح غطاء لحملة أوسع يشنها في الضفة الغربية، شملت اقتحام العديد من المطابع في مختلف المدن، وعدداً من محال الصرافة، وأدت إلى مصادرة 10 ملايين شيكل (2.7 مليون دولار) منها، بدعوى أنّها تُستخدم لتمويل «حماس» أو دعمها، وفقاً لبيان صدر عن جيش الاحتلال نفسه في أواخر كانون الأول.
ولم توفّر الأعمال العدائية الإسرائيلية، والتي تصاعدت في عهد حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، سائر المدن الفلسطينية؛ إذ شنت قوات الاحتلال، في الأشهر الماضية، حملات مشابهة في مدينة القدس وداخل الخط الأخضر، طاولت الأسرى المحررين، علماً أنّ سلطات العدو، كانت قد فرضت، العام الماضي، عقوبات مالية على 160 أسيراً مقدسياً وعائلاتهم، بذريعة تلقيهم مخصصات من السلطة الفلسطينية. وعلى إثر هذه العقوبات، حُجز على الحسابات المصرفية التابعة لأسرى لا يزالون في المعتقل وعائلاتهم، وآخرين محررين سابقين، إضافة إلى مداهمة عشرات المنازل، ومصادرة قطع ذهب وسيارات ومقتنيات ثمينة أخرى.
أما في داخل الخط الأخضر، وإلى جانب سياسة مصادرة الممتلكات والأموال، فقد شرّعت سلطات الاحتلال قوانين تسمح بطرد الأسرى السابقين وعائلاتهم من منازلهم، من ضمنها القانون الذي صادق عليه «الكنيست» قبل نحو عام، والذي يُلزم وزير الداخلية بسحب «الجنسية أو الإقامة من الأسرى»، ومن يزعم العدو أنّهم مارسوا «أنشطة إرهابية» في حال كانوا «ضمن حدود إسرائيل»، ويتلقون الأموال من السلطة الفلسطينية. ولجعل تطبيق هذا القانون أسهل، أصدرت «سلطة مكافحة الإرهاب»، أخيراً، تقريراً سيُحدد، طبقاً للإعلام العبري، بناءً على «معلومات استخباراتية»، الأفراد الذين يتلقون أموالاً من السلطة.