نيقوسيا | علمت «الأخبار» أن المداولات الجارية بين الجهات المعنية بملف المساعدات الإنسانية يتركّز الآن على فكرة الممر البحري الإنساني عبر قبرص. وتبيّن أن الحكومة القبرصية توصلت الى تفاهم مع بريطانيا لأن تتولّى الأخيرة جانباً مهماً من الإجراءات اللوجستية الخاصة بهذه العملية. وتفيد المعلومات بأن قبرص عرضت برنامجاً واسعاً يشمل إقامة رصيف خاص بغزة على أحد موانئها، وأن البحث يتركز على مجموعة من البنود؛ منها:أولاً: حسم أن الممرّ يعمل باتجاه واحد، أي أنه ينقل المواد المطلوبة الى غزة ولا يعود من القطاع بأي مواد أو مواطنين. وبالتالي، حسم القبارصة أن مهمة الممر لن تكون قابلة للاستخدام في أي برنامج هدفه تهجير أبناء القطاع كما ترغب إسرائيل.
ثانياً: أن تُحصَر العملية في مرحلتها الأولى بالمساعدات المقدمة من الدول الواهبة، وأن يصار الى تجميع المساعدات في قبرص حيث تخضع لتفتيش أمني قبل تحميلها الى سفن كبيرة تنقلها الى غزة.
ثالثاً: بانتظار تأهيل ميناء غزة ليكون قادراً على استقبال سفن من أحجام كبيرة، تتولى البحرية البريطانية إنشاء منصات عائمة بالقرب من ميناء غزة، حيث تتولى نقل المواد من السفن الكبرى الى سفن صغيرة تنقلها الى غزة، سواء عبر الميناء الرئيسي أو عبر نقطة أخرى تقع في الجنوب قبالة منطقة المواصي الى الجنوب الغربي من القطاع.
رابعاً: تتولى بريطانيا الحصول من إسرائيل على خريطة الألغام البحرية التي سبق للعدوّ أن نشرها قبالة غزة لمنع عمليات التهريب عبر البحر، وتتعهد بريطانيا للجانبين القبرصي والإسرائيلي بسلامة العملية.
على أن المفاوضات بشأن هذا الأمر تتطلب الاتصال بحركة حماس للحصول على موافقتها، انطلاقاً من كونها تمثل السلطة الفعلية على أرض القطاع. وأن الحصول على موافقة حماس يهدف ليس الى تسهيل العملية، بل للاتفاق معها على آلية توزيع المساعدات داخل القطاع. وقد أبلغت حماس الوسطاء موافقتها، شرط التأكيد على أن الممر هو بوجهة واحدة، وأن تتشكل لجنة دولية تتولى الإشراف على العملية. وهو أمر يناسب السلطات القبرصية التي سبق أن أبدت خشيتها من حصول ضغوط أميركية – بريطانية تناسب طلب إسرائيل أن يكون الإشراف على العملية لها وحدها. وقد تبيّن أن حكومة الاحتلال أبلغت السلطات القبرصية أن موافقتها على المشروع مشروطة بأن يتاح لها إرسال بعثة دائمة يكون لها مقر دائم على الرصيف، وتتولى الفحص الأمني والتقني لكل المساعدات قبل تحميلها على السفن، وأن ترافق البحرية الإسرائيلية السفن في طريقها الى غزة حتى لا يحصل أي خلل في الطريق، وقد أعرب الإسرائيليون عن خشيتهم من أن تحصل عمليات تدخل على السفن خلال الرحلة، بحيث يتم إدخال أسلحة ضمن المساعدات، متحدثةً عن إمكانية كبيرة للإيرانيين للقيام بذلك بالتعاون مع حركة حماس.
حماس طلبت ضمانات بعدم استخدام الممر للتهجير وبإدخال المواد التجارية

وأشار الإسرائيليون الى أنهم يطلبون ما هو معمول به في الطرق البرية، حيث يتم نقل الشاحنات المحمّلة بالمساعدات من معبر رفح الى منطقة تخضع لإشراف إسرائيلي وتتولى فرق من جيش الاحتلال تفتيش الشاحنات، قبل السماح لها بالعودة الى رفح والدخول الى القطاع. وقد تبيّن أن مسيّرات إسرائيلية ترافق الشاحنات في رحلة العودة الى الجانب المصري من معبر رفح، وتظلّ مرافقة للشاحنات حتى دخول القطاع، وأن هذا الأمر «يمنع إدخال أسلحة الى الشاحنات» كما يفترض العدوّ.
وعلمت «الأخبار» أن السلطات القبرصية تريد تجنب هذا الطلب الإسرائيلي خشية أن يؤثر على العملية برمّتها، وأنها بحثت مع وسطاء إمكانية إنشاء تحالف إنساني عالمي، يضمّ عدداً كبيراً من الدول العربية والإسلامية والغربية المعنية بالملف، وأن يتولى هذا التحالف كامل الإجراءات الخاصة ببرنامج المساعدات ونوعيّتها وآلية انتقالها وآلية توزيعها داخل القطاع.
من ناحية أخرى، يبدي القبارصة خشية من أن تقوم مصر أو تركيا بإجراءات معرقلة للعملية، وذلك لأسباب كثيرة. ويقول القبارصة إن الأتراك يرفضون أي دور للجزيرة، وقد يعمدون الى الضغط على حركة حماس لعدم الموافقة، وخصوصاً أنهم يعرضون إرسال مستشفى عائم الى القطاع كما إرسال جسر بحري يحمل المساعدات، وأنهم لا يريدون التعاون مع قبرص. أما بالنسبة إلى مصر، فإن القبارصة يتحدثون عن اتصالات جرت بين رئيسَي البلدين، وحصول تفاهم، لكن الجهات المعنية في قبرص تبدي خشية من أن يعرقل المصريون العملية وذلك خشية أن يروا في العملية استغناءً عن معبر رفح، وأن ذلك سيؤثر على مداخيل تحصل عليها مصر جراء النقل عبر رفح.
وبحسب المعلومات، فإن المرحلة الثانية من العمل في هذا المشروع هي ما تطلبه حماس، وتتعلق بأن يكون الممر البحري متاحاً لأغراض تجارية وليس فقط للمساعدات، وخصوصاً أن القطاع يحتاج بعد توقف الحرب الى كميات كبيرة من المواد التجارية التي تخصّ الأسواق العادية في القطاع، الى جانب المواد الخاصة بعملية إعادة الإعمار وتأهيل المرافق الرسمية والخدماتية للناس.