بغداد | بالتزامن مع اختتام أولى جولات المباحثات بين بغداد وواشنطن، بشأن تحديد مهام قوات «التحالف الدولي» في البلاد ووضع جدول زمني لانسحابها، تعهّدت «المقاومة الإسلامية في العراق» بمواصلة هجماتها ضد القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، ولا سيما الموجودة في سوريا والأردن، في وقت تسود فيه التوقعات بأن تصعيد المقاومة الأخير جاء على خلفية التشكيك في نيات الولايات المتحدة في ما يتعلق بمغادرة البلاد. وعقد العراق والولايات المتحدة، السبت الماضي في بغداد، الجلسة الأولى من المحادثات الرسمية، والتي شاركت فيها قيادات عسكرية عراقية وأخرى من «التحالف»، وقادها من الجانب العراقي رئيس أركان الجيش، الفريق أول الركن عبد الأمير يار الله، وتناولت 3 مواضيع رئيسة، هي: تهديد «داعش»، والمتطلبات العملياتية ومستوى قدرات القوات الأمنية العراقية.وتقول الولايات المتحدة إن خطط تشكيل لجنة للتفاوض على شروط إنهاء مهمة «التحالف» نوقشت للمرة الأولى العام الماضي، وإن توقيت الاجتماعات لا علاقة له بالهجمات، فيما تؤكد الفصائل العراقية أن ضرباتها الصاروخية أجبرت واشنطن على إعادة النظر في بقائها في البلاد. لكن الفصائل، وأبرزها «كتائب حزب الله» وحركة «النجباء»، تقلّل من أهمية تلك المباحثات، واصفة إياها بـ»السخيفة»، ومؤكدة ثباتها على موقفها الرافض للوجود الأميركي. وفي هذا الإطار، أشارت «المقاومة الإسلامية في العراق»، في بيان، إلى أن «دعوات المقاومة الإسلامية، وقرار مجلس النواب، والتأييد الشعبي لإخراج القوات الأجنبية، كلها لم تجد طريقها إلى التنفيذ منذ سنوات، بسبب التحايل الأميركي لتنفيذ أجندة خبيثة في العراق والمنطقة. أما الإذعان الأميركي لطلب الحكومة العراقية تشكيل لجنة لترتيب وضع القوات، فما كان ليكون لولا ضربات المقاومة، وهذا يثبت أن الأميركي لا يفهم غير لغة القوة».
وتعليقاً على المباحثات، قال مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية، فرهد علاء الدين، لوسائل إعلام، إن رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، «سيحدّد التقدّم المحتمل طوال هذه المفاوضات. المهم هنا هو عودة هذه المحادثات، ووضع جدول الأعمال للمرحلة المقبلة من العلاقات الثنائية»، مضيفاً أن «العراق يقوم بالتباحث مع الدول الأخرى في التحالف الدولي لإبرام اتفاقيات ثنائية تخدم مصلحة العراق وهذه الدول». لكنّ قيادياً في «كتائب حزب الله» قال، لـ»الأخبار»، إنّ «المقاومة العراقية أبلغت رئيس مجلس الوزراء أن الجلسات النقاشية مع واشنطن غير مجدية، بناءً على مواقف الأخيرة غير الواضحة من موضوع الانسحاب أو الالتزام بقرارات بغداد». واعتبر القيادي أن «الهجمات الصاروخية التي تشنها المقاومة هي التي تخرج القوات الأميركية، وليس جولات التفاوض التي تمثل رغبة الحكومة العراقية فقط وليس رغبة الإدارة الأميركية»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة تفاعلت مع موضوع الانسحاب من العراق، بسبب اقتراب موعد الانتخابات، وهناك العديد من الأميركيين الذين يطالبون الرئيس بايدن وقبله ترامب بترك فكرة احتلال الشرق الأوسط واستنزافهم مادياً وبشرياً. وبالتالي، المقاومة دخلت في مرحلة جديدة من التصعيد واستخدام أسلحة متطورة للمواجهة الحقيقية مع الاحتلال».
من جانبه، رأى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حسين العامري، أن «الوجود الأميركي في العراق سلبي. فالولايات المتحدة تدعم إسرائيل في قتل أبناء غزة، ولديها ازدواجية في التعامل مع القضايا الإرهابية داخل العراق». ولفت العامري، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «الحكومة والبرلمان طلبا من الولايات المتحدة أن يكون دورها في العراق ديبلوماسياً، وأن تتعاون مع العراق بشكل بنّاء وفق القانون الدولي». واعتبر أن «الحكومة العراقية حتى الآن جادة في إنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد، ولكن الأنظار تتّجه صوب الولايات المتحدة وجديّتها في التعامل مع الإرادة العراقية، على رغم أنها تعاملت سابقاً بأكاذيب في سبيل الحفاظ على بقائها على أراضي البلاد، وانتهاك السيادة الوطنية».
وفي السياق نفسه، شككت أوساط نيابية في نيات الولايات المتحدة بشأن سحب قواتها. ورأى عضو كتلة «الصادقون» النيابية (الجناح السياسي لحركة عصائب أهل الحق)، محمد البلداوي، أن «تشكيل لجنة عسكرية عليا لانسحاب قوات التحالف، إيجابي، في ظل عدم الاستقرار الذي تشهده البلاد بسبب وجود القوات الأجنبية»، مستدركاً، في تصريح إلى «الأخبار»، بأنّ «القوات الأميركية قد لا تلتزم بنتائج المحادثات الجارية، لأنها لم تعترف بكل القرارات التي تصدر من العراق، لكن تبقى المقاومة هي صاحبة المواقف ضد الاحتلال». وأما عن تأثير هجمات المقاومة على المفاوضات، فأكد البلداوي أنّ «التمادي الأميركي في دعم إسرائيل يجعل المقاومة تواصل ضرب القواعد العسكرية الأميركية. وبالتالي، الموقف الديبلوماسي يختلف تماماً عن موقف المقاومة التي تنفذ عمليات عسكرية للضغط على المحتل وإخراجه من المنطقة».