القاهرة | بعد مشاركة مدير المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، مع عدد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين والأميركيين، في اجتماع باريس الذي بحث في صفقة تبادل محتملة للأسرى بين إسرائيل والمقاومة في غزة، حصلت القاهرة على وعود إسرائيلية تضمن تحقيق الحدّ الأدنى ممّا يطالب به المصريون أمنيّاً، بما يمنع تفجّر الوضع على الشريط الحدودي، على رغم توتّر العلاقات الديبلوماسية بين الجانبَين. ويأتي في مقدمة المطالب المصرية، عدم السماح بإقامة مستوطنات في القطاع، والسماح بزيارات لوفود - من بينها إعلاميون - إلى بعض مناطق شمال غزة، إلى جانب التأكد من أن المنطقة العازلة التي يسعى الاحتلال إلى فرضها على طول الحدود التي تفصل القطاع عن الأراضي المحتلة عام 1948، لا تعدو كونها إجراءً «مؤقتاً» سيُصار إلى التراجع عنه.ووفق مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، سعت تل أبيب، خلال المباحثات التي جرت في اليومَين الماضيَين، إلى تهدئة مخاوف القاهرة، بعدما أبلغت الأخيرة، واشنطن، أنها بحثت بالفعل إمكانية إدخال المساعدات بشكل مباشر عبر معبر رفح، من دون التقيّد بالاتفاقات والتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، وذلك ردّاً على استمرار الأخير في عرقلة دخول الشاحنات، والتباطؤ في عمليات التفتيش، فضلاً عن إتلاف بعض المساعدات. وجاءت الخطوة المصرية في أعقاب تظاهرة لعدد من أهالي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع بالقرب من معبر «كرم أبو سالم»، واعتراضهم على إدخال المساعدات، فيما لوّحت القاهرة بأن تمريرها عبر المعبر مباشرة في شاحنات مصرية سيكون إجراءً حتميّاً، وأن ردّاً مصرياً فورياً سيتبع تعرّضها لاعتداءات إسرائيلية. وفي الإطار نفسه، سعى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال اتصال هاتفي مع المنسقة الأممية في شأن غزة، سيغريد كاغ، إلى التشديد على ضرورة إبراز العرقلة الإسرائيلية لإدخال المساعدات في الإفادة التي ستقدّمها المبعوثة الجديدة إلى مجلس الأمن قريباً، وهي إفادة تعوّل عليها القاهرة لإحداث مزيد من الضغط الديبلوماسي في هذا السياق.
دعمت مصر، خلال المفاوضات، التوصّل إلى هدنة طويلة الأمد تمتدّ لأسابيع


في المقابل، أُبلغت مصر أن «العمليات المحدودة التي تنفّذها إسرائيل في محور فيلادلفيا، لن تشهد أيّ تغييرات وسيتواصل التنسيق الأمني في شأنها خلال الأيام المقبلة»، فيما طلبت القاهرة من المسؤولين الإسرائيليين إثبات صحّة ادّعاءاتهم بوجود أنفاق على الجانب الفلسطيني يمكن منها العبور إلى الجانب المصري، وخصوصاً في ظلّ المطالبات الإسرائيلية بتوسيع العمليات لتشمل رفح. وبحسب المصادر، فإن المسؤولين الإسرائيليين أظهروا تراجعاً ملحوظاً عن ادعاءاتهم، لكنهم شددوا على ضرورة إحكام المراقبة على القطاع وعدم السماح بخروج أيّ شخص من دون تنسيق معهم، وسط تكرار الحديث عن احتمال تهريب الأسرى إلى الجانب المصري من الشريط الحدودي.
أما بخصوص المفاوضات السياسية، فقد دعمت مصر، خلالها، التوصّل إلى هدنة طويلة الأمد تمتدّ لأسابيع، وهو الأمر الذي جرت صياغته مع قطر، في لقاءات ثنائية عُقِدت قبل اجتماع باريس الرباعي. وتراهن القاهرة على أن إيقاف الحرب بشكل مؤقت، مع إدخال المساعدات والإفراج عن بعض الأسرى، وليس كلهم، سيخلق حالة جديدة يمكن بناءً عليها تحقيق أرضية مشتركة بين الفصائل والاحتلال، ولا سيما مع التغيير المتوقّع في الحكومة الإسرائيلية. ووفق مصدر مطّلع على التقارير التي ترفع إلى القيادة المصرية، ثمّة مساعٍ لتهدئة الأوضاع إقليميّاً بشكل مؤقت، وسط رهان على أن استئناف الحرب بعد توقّف طويل سيكون أمراً صعباً لعدة اعتبارات، من بينها الضغوط التي ستقوم بها الإدارة الأميركية لمنع تجدُّد القتال مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.