«كلّ من شارك أمس (الأحد) في المؤتمر الذي انعقد في مبنى الأمّة (في القدس)، لم يتعلّم شيئاً من أحداث السنة الفائتة، ولا يعرف شيئاً عن أهمية العمل المشترك والمتوافق عليه بصورة واسعة، ولا عن التضامن في المجتمع الإسرائيلي»، هذا ما قاله وزير «كابينت الحرب»، غادي آيزنكوت، تعليقاً على مؤتمر نظّمته أحزاب ومنظمات صهيونية دينية في القدس، دعت فيه إلى تهجير الفلسطينيين من غزّة والعودة إلى الاستيطان هُناك. وأضاف آيزنكوت، في حديث إلى موقع «واللا»، أنه «في الوقت الذي يحارب فيه مقاتلو الجيش كتفاً إلى كتف، وفي الوقت الذي اخترنا فيه البحث عن التوافق والوحدة متعالين على الخلافات الجوهرية، من أجل تحقيق هدفَي القضاء على حماس وإعادة المختطفين، وجد آخرون متسعاً من الوقت لعقد مؤتمر يُقسّم المجتمع الإسرائيلي، ويُعظّم فقدان الثقة القائم بالحكومة، وخصوصاً أنه يُركز على الجانب الذي نتخالف فيه وليس على الذي يوحدنا».ولم يكن آيزنكوت الوحيد الذي هاجم المؤتمر؛ إذ قال وزير الرفاه، يعكوف مارغي، من حزب «شاس» «الحريدي»، إن «(الأخير) لم يتداول أساساً بشأن المشاركة في المؤتمر المذكور، وذلك طبيعي، لأن هذا ليس وقتاً مناسباً... هذه مدة حساسة، وينبغي التحلّي بالتواضع. ينبغي أن يفهم كل شخص مسؤولياته، وخصوصاً منتخَبي الجمهور». أمّا رئيس الوزراء السابق، ورئيس المعارضة الحالي، يائير لبيد، فاعتبر أن «الحكومة الأكثر ضرراً في تاريخ إسرائيل وصلت اليوم إلى رقم قياسي جديد. فمؤتمر الاستيطان في غزة، والذي نظّمه حزب عوتسماه يهوديت (بقيادة إيتمار بن غفير)، مع وزراء كُثر من حزب الليكود، هو عار على رأس بنيامين نتنياهو، وعلى حزبه الذي كان يوماً في مركز المعسكر القومي، واليوم بات منجرّاً خلف المتطرفين». ورأى أن المؤتمر «يُشكل ضرراً على الصعيد الدولي، ويهدد صفقة محتملة، وهو أيضاً يعرّض جنود الجيش للخطر، وهو يعبر عن قلّة المسؤولية، وعن عدم أهليّة نتنياهو وحكومته».
وأتت هذه الانتقادات بعدما نظمت المنظمات الاستيطانية، بدعوة من أحزاب «الصهيونية الدينية»، مؤتمراً مساء أول من أمس للدعوة إلى الاستيطان في غزة، شارك فيه 12 وزيراً في حكومة نتنياهو، وأكثر من 15 عضو «كنيست». وفي هذا الإطار، قال رئيس «مجلس مستوطنات السامرة»، يوسي داغان، إن «اتفاق أوسلو مات، نحن عائدون إلى غوش قطيف». وتابع في خطابه بالمناسبة: «الآلاف الذين وصلوا إلى هنا جاؤوا لإحياء حدث مهم في عملية إصلاح شاملة لدولة إسرائيل... منذ 16 عاماً نناضل معاً من أجل تصحيح عار فكّ الارتباط والترحيل وتهجير المستوطنات». وأثناء ذلك، رفع المشاركون من أنصار اليمين شعار «الترانسفير (تهجير الفلسطينيين من غزة) وحده سيجلب السلام»، فيما وقّع الوزراء والنواب المشاركون على عريضة بعنوان «معاهدة النصر وتجديد الاستيطان في قطاع غزة وشمال السامرة»، والتي «ستجلب الأمن لإسرائيل».
كذلك، استعرض المنظمون مخطّطاً لإقامة أنوية استيطانية في قطاع غزة، ووزعوا أشرطة برتقاليّة اللون على الحاضرين «تكريماً لمستوطني غوش قطيف». وعلى رأس مشاريع تلك الأنوية، «يشي» (اختصاراً لقبائل إسرائيل المتحدة) التي سيكون موقعها على مشارف مدينة بيت حانون شمالي غزة، و«ماعوز» في الساحل الجنوبي للقطاع، و«شعاري حيفل غزة» في خانيونس، ورابعة للمستوطنين «الحريديين» باسم «حيسد لألفيم» وموقعها في جنوب رفح. وفي خطابه أمام الحاضرين الذين صرخوا «ترانسفير ترانسفير»، قال بن غفير، من جهته: «أنتم على حق، يجب تشجيعهم (فلسطيني غزة) على الهجرة طوعاً». وأضاف أن «الهروب (الانسحاب من مستوطنات غوش قطيف عام 2005) يجلب الحرب. نحن بحاجة إلى العودة إلى بيتنا والسيطرة على الأرض والدفع نحو حل لتشجيع الهجرة وسنّ قانون عقوبة الإعدام للإرهابيين».
بدوره، قال وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إن «شعب إسرائيل يقف عند مفترق طرق مصيري. يجب أن نقرر، هل نهرب من الإرهاب مرة أخرى، تاركين بؤرة القتل تنمو مجدداً خلف السياج؟ أم نتعلم الدرس عبر الاستيطان على طول بلادنا وعرضها، والسيطرة عليها، ومحاربة الإرهاب، وجلب الأمن إلى دولة إسرائيل بأكملها؟». وأضاف: «لقد تعرضت للضرب في الصف الثامن عندما عارضنا الغباء الفظيع لاتفاقيات أوسلو، وصرخنا بحناجرنا الجافة: لا تعطوهم أسلحة ولم يستمعوا إلينا. كان لي شرف النضال ضد إخلاء غوش قطيف وشمال السامرة، ودفعت ثمن ذلك حريتي الشخصية». أمّا وزير السياحة، حاييم كاتس، فقال: «أنا ابن لوالدين ناجيَين من معكسر أوشفيتز، واتّخذا قراراً بالهجرة إلى أرض إسرائيل وليس إلى كندا، للمجيء وبناء هذه البلاد. كنت أنتمي إلى مجموعة تسمى «المتمردين»، وحاربت ضد الطرد من غوش قطيف. لقد مررنا بهذه العملية المهينة، واليوم بعد 18 عاماً، لدينا الفرصة للقيام والبناء وتجديد أرض إسرائيل وتوسيعها. سنفعل ذلك، لأنها بالنسبة إلينا هي مباراة نهائية، ليست فيها فرصة أخرى للتعويض». وفي الاتجاه نفسه، قال وزير الإسكان والبناء، يتسحاق غولدكنوبف، إنه «صُدم» عندما زار متحف «غوش قطيف» و«رأيت المشاهد القاسية للترحيل، وخاصة ترحيل اليهود من دون أي إثم اقترفوه. إن التخلي عن أجزاء من أرض إسرائيل، لا يؤدي فقط إلى عدم تحقيق الأمن، ولكنه يتسبّب مباشرةً في إراقة دماء اليهود».
في المقابل، نقل موقع «واللا» عن مستوطنين في «غلاف غزة» انتقاداتهم للمؤتمر المذكور. ووفقاً له، إن المحادثات مع «سكان الغلاف» تُظهر أن غالبيتهم لا يعتقدون أن الاستيطان في القطاع سيقوم مرّة أخرى. وفي هذا الإطار، قالت المستوطنة من «عين هشلوشاه» ميراف كوهين: «هذا مؤتمر منفصل عن الواقع، نحن لا زلنا في خضم الحرب، بينما هناك من يتحدث عن اليوم التالي لها». وأضافت: «لن يكون هناك استيطان، فهذا غير منطقي، نحن ملزمون بإقامة منطقة أمنية وليس إعادة المستوطنين (لغوش قطيف)».