كشفت صحيفة «معاريف» العبرية عن خطّة إسرائيلية جديدة من عدّة مراحل، لـ«اليوم التالي» للحرب على غزة. وتتضمّن الخطة، وفقاً للصحافي بن كسبيت، في مرحلتها الأولى، إقامة حكم عسكري إسرائيلي كامل في القطاع، من المفترض أن يتولّى إدارة تمرير المساعدات الإنسانية، وتكون مسؤوليته أيضاً الاهتمام بشؤون السكان المدنيين ضمن ما يُعرف بـ«المرحلة الانتقالية». وفي المرحلة الثانية، والتي قال إنها ستكون بموازاة الأولى، يُقام تحالف دولي، من ضمنه دول عربية في مقدمتها السعودية ومصر والمغرب والإمارات والبحرين، يكون جزءاً من «اتفاق التطبيع الإقليمي» الذي سيُوقع لاحقاً، ويوكل إليه إنشاء هيئة جديدة باسم «السلطة الفلسطينية الجديدة»، يترأّسها أشخاص لا صلة لهم بـ«حماس»، ولا حتى بالسلطة الحالية ورئيسها محمود عباس. وعندها، تُنقل المسؤولية على غزة من إسرائيل إلى هؤلاء الأشخاص، في وقتٍ يُلغى فيه الحكم العسكري (بمعنى سلطة جديدة منزوعة السلاح). وأثناء ذلك، ستحتفظ إسرائيل لنفسها بـ«حق السيطرة والعمل الأمني في غزة»، بالطريقة التي تعمل فيها بالضفة الغربية المحتلة، كلما تطلّب الأمر «إحباط عمليات إرهابية، أو إحباط إعادة تنظيم البنى التحتية الإرهابية».وفي المرحلة التي تلي، أي بعد «استقرار الوضع في قطاع غزة، ونجاح الهيئة الجديدة»، تجري بلورة صيغة جديدة للحكم في الضفة، والذي ستتولّاه «السلطة الجديدة»، في وقت تعاد فيه هيكلة مناهج التعليم «المُحرّضة على الإرهاب». وفي حال نجاح ذلك، وفقاً للخطة الزمنية الموضوعة (من سنتين إلى أربع سنوات)، ستعترف إسرائيل بـ«دولة فلسطينية» ذات أوصال مشتتة، وستقوم بـ«منحها أراضٍ لا تتطلب إخلاءً إسرائيلياً للمستوطنات». وطبقاً لبن كسبيت، فإن الخطة المذكورة «صيغت سراً في إسرائيل على يد هيئة تُدعى مجموعة رجال أعمال»، من دون أن تتّضح هويات هؤلاء، وما إن كانوا إسرائيليين أم أجانب أو عرباً أم مختلطين، علماً أنهم استعرضوا مقترحهم أمام مسؤولين أميركيين رسميين. وأوضح بن كسبيت أن بعضهم «مقرّبون من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وأحدهم مقرّب جداً منه»، مضيفاً أنه «يجري الحديث عن بالون اختبار من جانب نتنياهو، يُقذف به بموازاة المبادرة الأميركية لصفقة شاملة للشرق الأوسط مُثلثها غزة - السلطة الفلسطينية - السعودية». وبحسب الصحافي، «لا يدير نتنياهو هذه المحادثات مباشرة، وإنما فقط من طريق رجله الموثوق، الوزير في كابينيت الحرب، رون ديرمير، ولكنه في الوقت نفسه يقدّم الأفكار باعتبارها ليست أفكاره، ويقول: «لست أنا وراء ذلك، بل رجال أعمال»».
بالتوازي مع ذلك، يجري العمل على خطط أخرى، بينها واحدة يعدّها «منسّق العمليات في المناطق (الضفة)»، غسان عليان، وأخرى يعدّها الجيش، إضافة إلى مقترحات يقدّمها جهاز الأمن العام («الشاباك»). وهذه الطريقة (إعداد خطط كثيرة) هي «الأسلوب الكلاسيكي لنتنياهو»، فيما هو يفضّل، في الحقيقة، خطة رجال الأعمال، كما قال بن كسبيت. وبحسبه، فإنه على مدى العقد المنصرم، أدار نتنياهو مفاوضات سرية مع أبو مازن، عبر ما عرف في حينه باسم «قناة لندن»، بواسطة رجله الأمين، في حينه، يتسحاق مولخو، الذي تولى الاتصالات مع رجال السلطة، وفي مقدمتهم حسين الآغا. وقد أبلغ نتنياهو الرئيس الأسبق، باراك أوباما، آنذاك، أن هذه المحادثات تُدار باسمه وبمعرفته، ولكنه ظلّ محافظاً على مسافة منها. وإلى جانب ما تقدّم، أدار وزير الخارجية الأميركي في عهد أوباما، جون كيري، محادثات مع إسرائيل والسلطة، نتجت منها ورقة مسوّدة أميركية لإقامة دولة فلسطينية، أيّدتها إسرائيل ولم يُجب عليها عباس حتى اليوم.
وختم بن كسبيت متسائلاً: «هل يستطيع نتنياهو «الانحراف» بعنف نحو اليسار، والقيام بخطوة تاريخية تنهي الحرب في غزة وتؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية في المستقبل، وإبرام اتفاق سلام تاريخي مع المملكة العربية السعودية؟»، ليجيب: «على الأرجح لا». إذ يثبت التاريخ أن نتنياهو «ركل دِلاء مماثلة مرّات عديدة قبل أن تمتلئ» كما يقول، مستدركاً بأنه «يجب أن نتذكر أن نتنياهو يعرف أيضاً أن وقته محدود. فإرثه الحالي هو مذبحة 7 أكتوبر، التي لم تشهد البلاد كارثة مروعة مثلها من قبل. إن الذهاب إلى اتفاق مع السعودية وإحراز نوع من التقدم على الجبهة الفلسطينية، يمكن أن يساعده في تغيير الانطباع الذي سيتركه على صفحات التاريخ، في زمن الجروح. القرار بين يديه».