تكشّف حجم الدمار الهائل في شمال غزة، بعدما انسحب جيش العدو من مناطق واسعة
وكان مسؤولون مطّلعون على تفاصيل المفاوضات قالوا لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، إن «الولايات المتحدة تدفع إسرائيل نحو وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة». وزعم هؤلاء أنه «إذا دخلت الحرب في فترة هدوء طويلة، فسيكون من الصعب على إسرائيل استئناف الحرب بشدّتها الحالية». أما عاموس هرئيل، في صحيفة «هآرتس» العبرية، فاعتبر أن «إسرائيل ربطت نفسها بعرض دول الوساطة، حتى لو لم تصادق عليه بالكامل وبشكل رسمي». وبناءً عليه، «أصبح هناك التزام مصري وقطري تجاه الإدارة الأميركية التي تُعنى بالتوصّل إلى صفقة. وهاتان الدولتان لا تنقصهما وسائل ضغط على حماس. فالنظام في غزّة يعتمد على تمويل من قطر، وعلى الطريقة التي ستقرّر بها مصر فتح الحدود مع القطاع أمام البضائع والأشخاص». وبحسب هرئيل، فإن «الطرفين ينتظران الآن تقديم عرض مضادّ من قبل حماس، سيكون أصعب على الهضم، لكن عندما يأتي، ستعود الكرة إلى ملعب إسرائيل، وسيتعيّن على نتنياهو التقرير ما إذا كان مستعداً لتقديم التنازلات المطلوبة». وأشار إلى أنه «من الواضح الآن أن الجناح اليميني المتطرّف في الحكومة سيضع العقبات أمام أي صفقة؛ فالوزير بن غفير أطلق تصريحات ضدّ الصفقة، وأطلق تهديدات بحلّ الحكومة (الوزير سموتريتش غير بعيد عنه)، واليمين قلق من احتمالية وقف طويل لإطلاق النار يُعتبر فعلياً إنهاءً للحرب، وسيُبقي حماس في السلطة، على الأقل في جنوبي القطاع، فيما يدرك نتنياهو أن إعادة بعض المخطوفين مقابل آلاف السجناء سيفسّرها جمهور واسع على أنها اعتراف بالفشل». وفي المقابل، يقف وزيرا «الكابينت» بني غانتس وغادي آيزنكوت، «اللذان يؤيّدان الصفقة حتى بتنازلات كبيرة»، إضافة إلى «رئيس المعارضة، يائير لابيد، الذي قال أول من أمس إن قائمته ستوفّر للحكومة شبكة أمان لأي اتفاق يعيد المخطوفين».
وإذا كان نتنياهو، اليوم، يمثّل المساحة الوسطية بين الطرفين، فإن الإدارة الأميركية تحاول تأمين «شبكة الأمان» السياسية له، لتدفعه إلى اتخاذ قرارات «إيجابية» تتواءم مع الرؤية الأميركية للحلّ، لكنها في الوقت عينه تمارس ضغوطاً وتشهر أسلحةً في وجه حليفَي نتنياهو ومن يمثّلان، في تحذيرات تبدو جدّية للمرة الأولى، تفيد بأن واشنطن لن تقبل بأن يقف هؤلاء في وجه مخططاتها ذات الأبعاد الإقليمية والدولية. وفي هذا السياق، يأتي فرضها أمس عقوبات على مجموعات من المستوطنين، يرعاها بن غفير وسموتريتش، على خلفية نشاطهم المعادي للفلسطينيين في الضفة الغربية. ورغم أن نتنياهو أعلن صراحة، أمس، رفضه تلك العقوبات، إلا أن الأميركيين لا يرون أن مواقفه غير قابلة للترويض، إذ نقلت شبكة «إن بي سي نيوز»، عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، قوله إن «تصريحات نتنياهو بشأن وقف إطلاق النار لا تُعتبر بمثابة رفض». وأشار المسؤول إلى أن «نتنياهو يواجه ضغوطاً متزايدة لتأمين إطلاق سراح الأسرى الذين ما زالوا في أسر حماس»، مضيفاً أن «واشنطن ترى أن الوضع يتطوّر لأن إسرائيل لا تُحرز تقدّماً كبيراً ضدّ حماس كما هو مأمول (في الميدان)».
ميدانياً، تكشّف حجم الدمار الهائل في شمال غزة، بعدما انسحبت قوات الجيش الإسرائيلي من مناطق واسعة في شمال غرب القطاع، وتحديداً في الأحياء الغربية لمدينة غزة من مثل العطاطرة والسلاطين والتوام، وعاد إليها الأهالي لتفقّد منازلهم وممتلكاتهم التي وجدوها خراباً. أما في الجنوب، فاستمرّت المعارك بين جنوب خان يونس وغربها، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي سحب آخر لواء احتياطي (55) من خان يونس، واستبداله بقوّات أخرى. ومما يؤشّر أيضاً إلى انخفاض وتيرة القتال، ما أعلنته «الجبهة الداخلية» الإسرائيلية، أمس، من «تسهيلات» في «غلاف غزة»، تتيح عبرها عودة التعليم والتجمّعات في المستوطنات، باستثناء 10 مستوطنات وكيبوتسات لصيقة بالقطاع. كما أن جيش العدو يناقش خططاً لتقديم دعم مادّي لمن يعود من المستوطنين، فيما يقوم بتأمين عدد من الجنود لكل مستوطنة.