غزة | عادت الدبابات الإسرائيلية، أمس، للتوغّل في عمق مدينة غزة مجدّداً، وتحديداً في محيط منطقة مفترق السراي ومنطقة الجامعات ودوار الصناعة، في الوقت الذي فكّكت فيه قوات العدو كلّ مواقعها العسكرية في القاطع الشمالي الغربي لشمال وادي غزة، وأعاد جيش الاحتلال تموضعه في قاعدة «زيكيم» العسكرية، مخلياً لأول مرة منذ بدء الحرب البرية، مساحة واسعة كانت تشكّل طوال مدة العملية، خط الإمداد وموقع القيادة والتخييم الرئيسي في كلّ مناطق شمال الوادي. أما في جنوب القطاع، فقد نفّذت قوات العدو عدة انسحابات من المناطق الغربية لمدينة خانيونس، وتحديداً من جامعة الأقصى، ومنطقة المواصي، فيما تواصل الضغط في المناطق الغربية المحيطة بمستشفيَي «ناصر» و»الأمل». وفي شرق المدينة، يواصل العدو تفجير مربّعات سكنية في منطقة قيزان النجار شرق المحافظة، كما يواصل الطيران الحربي استهداف العشرات من المنازل الآمنة.أما على الصعيد الميداني، فيستحق يوم أمس، أن يُسمى يوم «الكمائن القاتلة»، إذ استطاعت كلٌّ من «سرايا القدس» و«كتائب القسام»، تنفيذ كمينين، الأول لـ»السرايا» في غرب مدينة خانيونس، استهدفت فيه قوة إسرائيلية راجلة قوامها عشرة جنود كانت تتحصّن في أحد المنازل، بقذيفة «تي بي جي» المضادة للتحصينات، مؤكدة إيقاع كل أفراد القوة بين قتيل وجريح. أما الكمين الثاني الذي نصبته «القسام»، فتمثّل في قيام مقاومي الكتائب بالإجهاز على 15 جندياً في منطقة الجوازات غرب مدينة غزة، من مسافة صفر. وفي شمال المدينة أيضاً، حيث عاد المقاومون من عقدهم القتالية بعد التراجع الكبير لدبابات الاحتلال، أكدت «القسام» أن مقاتليها نفّذوا كميناً مركّباً، دمّروا خلاله ثلاث دبابات «ميركافا» بقذائف «الياسين 105» وعبوات «الشواظ».

زخم ميداني
وخلال اليومين الماضيين، كان زخم عمل المقاومة الميداني لافتاً، وذلك تزامناً مع زيادة الحديث عن صفقة تبادل الأسرى المرتقبة، حيث أعلنت المقاومة تنفيذ نحو 30 مهمة قتالية تنوّعت ما بين تدمير دبابات، وقنص جنود، وكمائن محكمة، والتحامات مباشرة، وإطلاق لقذائف «هاون» ورشقات صاروخية قصيرة المدى على تحشّدات العدو. وفي هذا السياق، أعلنت «كتائب القسام» أنها نفّذت، يوم أمس وحده، تسع عمليات استهداف للدبابات الإسرائيلية، خمس منها في جنوب القطاع، وأربع في شماله. كذلك، أعلنت «سرايا القدس» تفجير ثلاث دبابات إسرائيلية في محور القتال جنوباً، فيما نفّذت كل من «السرايا» و»الكتائب»، عمليات استهداف مركّزة للدبابات المتوغّلة في جنوب القطاع. كما أعلنت «السرايا»، استهداف قوات راجلة كانت تتحصّن خلف السواتر الترابية، شرق مخيم جباليا، بقذائف «هاون» من العيار الثقيل. وكانت كلّ من «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، قد نفّذت، أول من أمس، نحو 10 عمليات قتالية، حيث وزّعت الكتائب مشاهد مصوّرة تظهر تنفيذ عملية قنص في منطقة خانيونس، وتفجير نحو 5 دبابات للعدو في محاور القتال في مدينة غزة. وعلى وقع هذا الزخم الميداني، أعلن جيش العدو سحب «اللواء 55» احتياط، واستبداله بقوات بديلة.
اجتياح دبابات العدو رفح قد يؤدي إلى حدوث مجازر تفوق تلك التي حدثت حتى الآن


رفح مجدّداً
في الأثناء، تفاعل تهديد وزير جيش الاحتلال، يوآف غالانت، أول من أمس، بالتوجه إلى مدينة رفح لاجتياحها، بعد انتهاء العمليات القتالية في مدينة خانيونس. وينطوي توسيع العملية في المدينة الجنوبية الواقعة على الحدود مع مصر، على جملة من المخاطر، أولها، أنها تزدحم بأكثر من مليون نازح فرّوا من مناطق القتال في شمال القطاع ووسطه وجنوبه، وأن خيام المهجّرين أضحت ملاصقة للشريط الحدودي الفاصل مع مصر، أي في منطقة محور «فيلادلفيا» الذي كرّر وزير جيش العدو التشديد على أهمية العمل على بناء جدار تحت أرضي فيها، يحول دون تنفيذ عمليات تهريب سلاح إلى المقاومة. ويُخشى في حال اجتياح دبابات العدو المدينة التي قُصفت مشارفها، أمس، من حدوث مجازر تفوق تلك التي حدثت حتى الآن، باعتبار أن رفح كانت الملاذ الأخير للفارّين من حملات القصف الوحشية، فيما لم يعد ثمة مكان يفر إليه اللاجئون، إلا تسلّق السياج الحدودي مع مصر.
وفي هذا السياق، كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن إسرائيل قدّمت مقترحاً للسلطات المصرية يتمثل في وضع أجهزة تكنولوجية متطوّرة فوق المحور من الجانب الإسرائيلي، يمكن لها أن تكشف تحركات الفلسطينيين الذين يحاولون الاقتراب من الحدود والانتقال إلى سيناء، أو تهريب السلاح والمعدات العسكرية. وأضافت أنه من المقرر أن ينتشر 750 شرطياً مصرياً على الجهة المصرية من «فيلادلفيا». ومن وجهة نظر ميدانية، فإن العمل على بناء جدار تحت أرضي، من الجانب الفلسطيني من الحدود، دونه جملة من العقبات، أولاها، المدة الزمنية الكبيرة التي يحتاج إليها مجهود كهذا، وأيضاً، التكلفة المادية المرتفعة، خصوصاً أن إنجاز جدار مماثل على الحدود الشرقية للقطاع، تطلّب 5 سنوات من العمل، وهو لا يتجاوز الـ40 كيلومتراً، ما يعني أن تشييد الجدار على الحدود المصرية بحاجة إلى نصف تلك المدة على الأقل.