يبدو المشهد في مناطق سيطرة الحكومة السورية المتضرّرة من الزلزال أكثر تنظيماً
أمّا في تركيا، حيث لا يزال مئات السوريين ينتظرون معرفة مصير أقربائهم الذين قضوا في الزلزال، فتبدو سلطات هذا البلد منشغلة بمواطنيها الذين تأثروا بكارثة السادس من شباط، ما يزيد أوضاع اللاجئين السوريين البالغ عددهم نحو 3.4 ملايين لاجئ (1.75 مليون يعيشون في المناطق التي تأثّرت بالزلزال)، قتامةً. ويحصل ذلك في موازاة تراكم الأزمات، بدءاً من ارتفاع الأعمال العدائية الناجمة عن العنصرية، والتي تغذّيها الصراعات السياسية التركية، وليس انتهاءً بتراجع تمويل برامج مساعدة اللاجئين. وفي هذا الإطار، أفادت «مفوضية اللاجئين» بأنه «قبل وقوع الزلازل، كان هناك 90% من اللاجئين في تركيا غير قادرين على تغطية احتياجاتهم الأساسية». والآن، «في أعقاب ذلك، فقد تزايدت الاحتياجات الماسّة المتعلّقة بالسكن والمرافق الأساسية والمأوى والكهرباء والرعاية الصحية والاتصالات»، كما أضافت، متابعة أنه «مع انخفاض التمويل وارتفاع الاحتياجات، يلجأ العديد من اللاجئين إلى اتباع طرق مختلفة لتدبّر أمورهم المعيشية، مثل خفض مستوى الإنفاق على الغذاء وزيادة الاقتراض».
والجدير ذكره هنا، أنه خلافاً لِما كان يُنتظر من زيادة في حجم المساعدات للمتضرّرين في شمال غربي سوريا، بعدما رفضت «هيئة تحرير الشام» إدخال مساعدات حكومية سورية عبر خطوط التماس، ووافقت دمشق على إدخالها عبر الحدود (من تركيا)، متجاوزةً محاولات واشنطن استثمار ملفّ المساعدات، تنخفض كمية المواد الإغاثية بشكل مستمرّ. ولم تتجاوز الاستجابة الإنسانية الـ50%، وفقاً لفريق «منسّقي الاستجابة»، الذي ذكر، في تقرير، أن عدد الشاحنات التي دخلت عبر المعابر الحدودية، سجّل، منذ زلزال السادس من شباط وحتى مطلع الشهر الجاري، 8843 شاحنة، تشكّل المساعدات الأممية منها 56.35%، أي ما يعادل 4983 شاحنة فقط.
على أنه إلى جانب الآثار المباشرة للزلزال، تعرّض ملايين السوريين لآثار غير مباشرة، بدءاً من الضرر الكبير في القطاعات الاقتصادية المنهكة أصلاً، وليس انتهاءً بالتضخّم الذي انخفضت معه قيمة الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة، بتسجيلها نحو 14 ألف ليرة سورية أمام الدولار في السوق السوداء، ما أدّى بدوره إلى مضاعفة تكاليف المعيشة. وهكذا، غدت الصورة الحالية، بعد عام من وقوع الزلزال، الذي قدّر «البنك الدولي» أضراره بنحو 5.1 مليارات دولار، أكثر قتامة، وسط تراكم الظروف التي خلقتها الحرب المستمرة، وحالة الحصار الاقتصادي المفروضة على البلاد، والتي تضاعف من حالة القهر.