مجدّداً، قررت لجنة «المتابعة العليا للجماهير العربية» تنظيم «تظاهرة قُطْرية يوم السبت المقبل، في كفر كنا - قانا الجليل»، داعيةً الفلسطينيين في الداخل المحتل إلى «تنظيم وقفات يومَي الجمعة والسبت في القرى والمدن الفلسطينية كافة، للدعوة إلى وقف الحرب، ورفضاً لاجتياح رفح وما سيترتب عليه من مآسٍ». وإذ لم تنل التظاهرة المزمع تنظيمها، بعد، تصريحاً من شرطة الاحتلال، بحسب ما علمته «الأخبار»، فإن المسؤولين في اللجنة يجهدون لاستصدار ترخيص لها، علماً أنه جرى سابقاً إحباط عدد من الفعاليات نتيجة سياسة الترهيب التي تنتهجها سلطات الاحتلال تجاه فلسطينيي الـ48 منذ بدء الحرب، وإعلان حالة الطوارئ بموجبها. إذ اعتقلت هذه السلطات المئات من الفلسطينيين، قبل أن تطلق سراح بعضهم وتُبقي آخرين قيد الاعتقال، فقط لكتابتهم منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبرها جهاز الأمن الداخلي («الشاباك») «متماهية أو مؤيّدة لحماس». وبينما حاول البعض كسر حالة الترويع تلك، و«قرع جدران الخزان» عبر تظاهرات محدودة في كل من أم الفحم، وباقة الغربية، والطيبة، وحيفا، إلّا أنّ جميع منظمي هذه التظاهرات وجزءاً كبيراً من المشاركين فيها اعتُقلوا، ولا يزال قسم منهم خلف القضبان إلى الآن.وفي السياق، يلفت عضو «سكرتارية المتابعة» ورئيس «اللجان الشعبية» في الداخل، يوسف طاطور، إلى أن تظاهرة السبت هي «جزء من العمل السياسي الموحد في الداخل لرفض الحرب الشعواء على أهلنا في قطاع غزة»، مضيفاً، في حديثه إلى «الأخبار»، أنه «لا يمكن السكوت على هذه المجازر المستمرة بحق المدنيين العزّل، ومحاولة التهجير القسري لأهالي القطاع». وأتى القرار بتنظيم التظاهرة بعدما عقدت «المتابعة» اجتماعاً طارئاً أوّل من أمس، على خلفية «تواتر التصريحات الإسرائيلية المهدّدة باجتياح مدينة رفح، وما سيترتب على ذلك من ارتكاب جرائم مروعة ضد أبناء الشعب الفلسطيني». وحذّرت «المتابعة»، التي تُعد أعلى هيئة تمثيلية للفلسطينيين في الداخل، من «اجتياح رفح التي باتت تؤوي أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني، غالبيتهم يقيمون في خيام، بفعل جرائم التهجير الإسرائيلية في مناطق غزة الأخرى». كما نبّهت إلى أن «هذا الاجتياح قد يتسبّب في جرائم تفوق ما ارتكبه جيش الإبادة حتى الآن من جرائم، أوقعت قرابة مئة ألف بين قتيل وجريح ومفقود، مُشرّدة 85% من سكان القطاع، وملحقةً أضراراً أو متسبّبةً في هدم كلي لـ61% من بيوته، وكذلك لغالبية المساجد، فضلاً عن التدمير الكلي أو الجزئي لكنائسه الثلاث». وأضافت أن «الجرائم المترتبة على اجتياح رفح قد تفوق ما عرفته الإنسانية من جرائم في العصر الحديث».
تظاهرة السبت هي «جزء من العمل السياسي الموحد في الداخل لرفض الحرب الشعواء على أهلنا في قطاع غزة»


كذلك، تطرقت اللجنة إلى «ممارسات الاحتلال ومجموعات المستوطنين الفاشية في الضفة الغربية والقدس، والمداهمات والاعتقالات والتصفيات الجسدية اليومية في مدن الضفة»، داعيةً «المجتمع الدولي» وشعوب العالم إلى «العمل على إنقاذ أبناء الشعب الفلسطيني، ولجم هذا الانفلات الجنوني لحكومة الإبادة الإسرائيلية ولجيشها قبل وقوع كارثة رهيبة أخرى». وحمّلت مسؤوليةً خاصةً للدول وللشعوب العربية والإسلامية، «التي يمكنها لجم الاجتياح الإسرائيلي لرفح وإنقاذ أبناء الشعب الفلسطيني، عبر الإلقاء بوزنها السياسي والاقتصادي والشعبي»، في إشارة إلى مصر بشكل أساسي. أمّا بالنسبة إلى المخططات التي تروجها الأوساط الإسرائيلية والغربية حول «اليوم التالي»، فرأت أن المقصود بذلك هو «التعمية على ما ترتكبه إسرائيل من جرائم من ناحية، والعمل على هندسة (قيادة فلسطينية) على مقاس حكومة الإبادة وداعميها الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، من ناحية أخرى». وطالبت بـ«العمل الفوري والعاجل على تحقيق وحدة الشعب الفلسطيني، وإنهاء كل مظاهر الانقسام والتشرذم، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى أساس التمسك بالمصالح الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وحقه في القدس العاصمة والعودة وتقرير المصير».
أيضاً، جددت «المتابعة» رفضها «لكل الممارسات الفاشية الإسرائيلية لكمّ أفواه الجماهير الفلسطينية في الداخل، والتي طاولت عمل لجنة المتابعة والأحزاب السياسية واللجان الشعبية، وتمثّلت في قمع أي حركة احتجاج ضد حرب الإبادة الإسرائيلية، والملاحقات والتهديدات والاعتقالات والفصل من العمل ومن الجامعات، ووصلت إلى حد التصفية الجسدية لثلاثة شبان من النقب ومن الطيرة ومن طمرة بحجج مشبوهة، وإلصاق تهم غير موثقة بهم، وسط تعتيم على الحيثيات»، مشيرة إلى أن «المؤسسة (الإسرائيلية) أوغلت في غيّها باحتجاز جثمان الشاب نسيم محمود أبو الهيجاء (الذي قالت إسرائيل إنه نفّذ عملية دهس عند مدخل قاعدة بحرية قريب حيفا) منذ 15 يوماً، وادّعاء الشرطة أن الأمر موضوع على طاولة الفاشي الذي يشغل منصب وزير الأمن الداخلي»، في إشارة إلى إيتمار بن غفير.
إلى ذلك، وفي معرض دعوتها إلى التظاهرة يوم السبت، أكدت اللجنة أنه «لا توجد قوة في العالم تحول بين جماهيرنا العربية في البلاد وبين انتمائها الأصيل إلى شعبها الفلسطيني، أو بينها وبين حقها الوطني والديموقراطي والإنساني في رفع صوتها ضد الحرب الإجرامية، ومن أجل وقفها وإنهاء ملف الأسرى والرهائن على أساس الكل مقابل الكل»، معلنةً أنها ستنظّم مؤتمراً صحافياً لوسائل الإعلام المحلية والعالمية، وأنها قد تتخذ خطوات «تصعيدية» أخرى وفقاً للتطورات.