رام الله | لم ترُق حكومةَ الاحتلال وقادةَ مستوطنيه العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على 4 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة - على هُزال هذه العقوبات -، لارتكابهم سلسلة جرائم ضد الفلسطينيين. وتُرجم الغضب الإسرائيلي سريعاً، سياسياً وميدانياً، إذ هاجم وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، قرار بريطانيا، معتبراً أنه «يشكل تعاوناً مع حركة المقاطعة التي يتم في إطارها احتضان الإرهابيين»، وعادّاً إيّاه «محاولة من بريطانيا لنزع الشرعية عن الاستيطان والمستوطنين». وكانت «القناة 12» العبرية قد نقلت عن مسؤولين قانونيين قولهم إن المرسوم الذي أصدره الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس الماضي، «واسع جداً»، ومن شأنه أن يستخدم لاحقاً ضد مسؤولين إسرائيليين، منهم ضباط في الجيش، ورؤساء سلطات محلية في المستوطنات، وربما ضد أعضاء «كنيست» وشخصيات عامة إسرائيلية.
وعلى الأرض، شنّ المستوطنون، مساء الاثنين، هجمات إرهابية في الضفة، تعدّ الأوسع من نوعها في الأسابيع الأخيرة، حيث أغارت أعداد كبيرة من مستوطني مستوطنة «يتسهار» بالسلاح، وتحت حماية جيش الاحتلال، على قرية عصيرة القبلية جنوب نابلس، وأطلقوا النار على الفلسطينيين، ما أدى إلى إصابة شاب في بطنه وطفل في يده، وأحرقوا مركبة كانت متوقفة في أحد الطرقات، ومنزلاً بعد إلقاء الزجاجات الحارقة عليه. كذلك، هاجم عشرات المستوطنين بلدة حوارة جنوب نابلس، وأحرقوا شاحنة في البلدة، وحاولوا إحراق العديد من منازل المواطنين. كما هاجم آخرون منازل الفلسطينيين في قرية مادما، وأحرقوا مركبة في قرية الساوية، جنوب نابلس. وكان المستوطنون قد نفّذوا، في كانون الثاني، 186 اعتداءً، تركزت في محافظة الخليل بواقع 63، ونابلس: 38، ورام الله: 23، وكان أبرزها إطلاق النار على الشاب توفيق عجاق من المزرعة الشرقية، بحسب «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان».
وعلى خطّ مواز، شهدت الضفة، خلال الساعات الماضية، تصعيداً في اعتداءات قوات الاحتلال، حيث هدمت جرافات العدو، أمس، منزلين في قرية الولجة شمال غرب بيت لحم، وجرفت أراضي ودمرت مزروعات أثناء محاولتها الوصول إلى منطقة الهدم. كما نفذت قوات الاحتلال عدة عمليات عسكرية؛ أبرزها في مدينة قلقيلية، أسفرت عن استشهاد الشاب محمد شريف السلمي (21 عاماً)، بعد إطلاق النار عليه خلال وجوده في مركبته. واقتحمت قوات كبيرة من جيش العدو العديد من أحياء قلقيلية، وشنت عمليات مداهمة، تخلّلتها اعتقالات، قبل أن تعاود اقتحام بلدة عزون في المحافظة، حيث اندلعت مواجهات أدّت إلى إصابة فتى بجروح حرجة. وفي ساعة متأخرة من مساء الاثنين، اقتحمت قوات الاحتلال، معززةً بآليات وجرافات عسكرية، ووسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع، مدينة جنين، في عملية عسكرية استمرت لأكثر من 6 ساعات، وتخلّلتها مواجهات قرب مدخل المدينة عند دوار الأحمدين. وسبق الاقتحام قيام جرافات الاحتلال بعملية حفر وتجريف للطرقات وتدمير للمركبات، في طرقات حارة الوهدان، وشارع مسرح الحرية، ومحيط مدارس الوكالة، ومنطقة الساحة في المخيم، فيما تخلّل العملية الدفع بتعزيزات مستمرة إلى أطراف المخيم، ونشر لوحدات خاصة في منطقة الساحة، وحيّي الدمج والحواشين.
وبعد انسحابها من جنين بعدة ساعات، عاودت قوات الاحتلال اقتحام المدينة والمخيم، لتندلع اشتباكات مسلّحة عنيفة، أسفرت عن اعتقال المطلوب عمر حسين فايد (36 عاماً)، فضلاً عن إصابة جنديَّين إسرائيليين بجروح، وفق ما اعترف به جيش العدو. كما نجح المقاومون، خلال الاشتباكات، في إسقاط طائرة استطلاع مُسيّرة إسرائيلية على أطراف جنين. كذلك، شهدت قرية صير جنوب جنين عملية عسكرية واسعة، قصفت خلالها قوات الاحتلال منزلاً بعدة صواريخ «أنيرغا»، ما أدى إلى اشتعال النيران، وطالبت شاباً موجوداً داخله بتسليم نفسه، واعتقلت 5 شبان من عائلة أرشيد، 4 منهم أشقاء. أيضاً، نفّذ جيش العدو اقتحامات في رام الله والبيرة وبلدات في محافظة الخليل وعدد من مخيمات وبلدات محافظة نابلس، حيث سيّر دورياته، وداهم منازل المواطنين وفتشها وعبث بمحتوياتها.
في غضون ذلك، أصيب شاب بجروح متفاوتة برصاص الاحتلال، بزعم محاولته دهس جنود على مفرق تجمّع «غوش عتصيون» شمال الخليل. وادّعى جيش العدوّ أن مركبة فلسطينية حاولت دهس مجموعة من المستوطنين كانوا موجودين في محطة للحافلات هناك، من دون أن يؤدي هذا إلى وقوع إصابات، فيما طاردت قوات إسرائيلية المركبة، وأطلقت النار على سائقها وأصابته، ومن ثم اعتقلته وحوّلته إلى التحقيق لدى الأجهزة الأمنية.