القاهرة | في ظل إعلان مشاركتها رسميّاً في الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من «محكمة العدل الدولية» حول السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، تتحضّر مصر لمزيد من السيناريوات السيئة في الأسابيع المقبلة، على خلفية الوضع على الشريط الحدودي الفاصل بينها وبين قطاع غزة، وفقاً لِما أفادت به مصادر مطّلعة «الأخبار». ويُعزى السبب في ذلك إلى تعثّر المفاوضات الجارية حول الوصول إلى هدنة إنسانية وبدء عملية تبادل الأسرى، في ظلّ التباينات الكبيرة بين دولة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.وفيما من المقرّر أن تستضيف قطر، بحضور أميركي، جولة مفاوضات أخرى حول الصفقة المفترضة، لا يتوقّع المسؤولون المصريون أن تسفر هذه الجولة عن أيّ نتائج، نظراً إلى تمسّك الحكومة الإسرائيلية بسقف مطالب لا يمكن قبوله من الفصائل الفلسطينية. ومن جهتها، رفضت مصر، في بعض اللقاءات التي جرت في هذه السياقات، أيّ نقاشات عن تهجير الفلسطينيين، أو خروج جزئي لبعضهم بشكل مؤقّت، وهو ما أكدته أيضاً لأطراف أوروبية عديدة. لكنها اقترحت إجراء عملية انتقال منظّم لسكان رفح والنازحين إليها، إلى داخل القطاع، إذا ما أصرّ الاحتلال على تنفيذ عملية عسكرية في المدينة، علماً أن مصر ترى أنه «لا رفض أميركيّاً قاطعاً لأيّ عملية إسرائيلية من هذا النوع».
كذلك، بدأت القاهرة تجهيز منطقة لوجيستية على حدودها، لتكون بمثابة مقرّ لتعبئة وتجهيز المساعدات، وتخفيف تكدّس الشاحنات المفترض توجيهها إلى قطاع غزة عند معبر رفح، وهو ما يأتي في إطار استعدادها لوضع طويل الأمد، سواء بالنسبة إلى «الاضطرابات الأمنية» على الشريط الحدودي، أو لمسألة إدخال المساعدات الإنسانية عبر «رفح»، باعتباره المنفذ الوحيد إلى القطاع. وفي التفاصيل، فإن المنطقة التي يجري استكمال تجهيزاتها، تقع في جنوب طريق العريش - رفح، على مساحة تناهز الـ150 ألف متر مربع بحيث تتّسع لأكثر من 20 ألف شاحنة، ومن المقرّر أن تستقبل آلاف الأطنان من المساعدات، مع توفير أماكن لتخزينها والمحافظة عليها لأطول فترة.
بدأت القاهرة تجهيز منطقة لوجيستية، لتكون بمثابة مقر لتعبئة وتجهيز المساعدات، وتخفيف تكدّس الشاحنات عند معبر رفح


وبالعودة إلى المشاركة المصرية في «الرأي الاستشاري» الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من «العدل الدولية»، والتي أعلن عنها رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات»، ضياء رشوان، أمس، قدّمت مصر بالفعل مذكّرة إلى المحكمة، خلال الأيام الماضية، على أن تقوم بتقديم مرافعة شفهية أمامها، الأربعاء المقبل، في سياق طلب الجمعية العامة الحصول على فتوى قانونية حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل. ومن المقرّر أن تستمع المحكمة، خلال الجلسات التي تبدأ غداً في لاهاي وتمتدّ على مدى أسبوع، إلى إحاطات من 52 دولة، بالإضافة إلى «الاتحاد الأفريقي»، و«منظمة التعاون الإسلامي»، و«جامعة الدول العربية». وبحسب المعلومات، تشمل المذكّرة المصرية تأكيد عدم شرعية الاحتلال الذي دام أكثر من 75 عاماً، خلافاً لمبادئ القانون الدولي، وكذلك سياسات ضمّ الأراضي وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، المخالفة للقواعد الناظمة للقانون الدولي العام، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحظر الاستيلاء على الأراضي من خلال استعمال القوة المسلحة.
كما تتضمّن المذكّرة رفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، التي تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان. أيضاً، تطالب المحكمةَ بتأكيد مسؤولية إسرائيل عن جميع تلك الأفعال غير المشروعة دولياً، بما يحتم انسحاب الأخيرة بشكل فوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس، وتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي لحقت به، فضلاً عن مطالبة جميع دول العالم بعدم الاعتراف بأي أثر قانوني للإجراءات الإسرائيلية، والكفّ عن توفير الدعم لإسرائيل، واضطلاع المنظمات الدولية والأمم المتحدة بمسؤولياتها في هذا الصدد.