هاجم رئيس اتحاد النقابات العماليّة الإسرائيلية (منظمة الهستدروت)، أرنون بار ديفيد، أخيراً، رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مهدداً بانضمام اتحاده إلى التظاهرات ضد الحكومة، وبتعطيل الاقتصاد، الأمر الذي تسبب في غضب واسع في أوساط داعمي نتنياهو. وبار ديفيد هو نفسه من «أخضع» نتنياهو قبل حوالى العام، عبر تعطيل الاقتصاد الإسرائيلي يوماً واحداً في الإضراب الذي أعلنته «الهستدروت» احتجاجاً على مخطط «الانقلاب القضائي»، والذي دفع رئيس الحكومة إلى تعليق المخطط المذكور آنذاك. وأثناء مشاركته في مؤتمر عُقد في مدينة بئر السبع المحتلة، اتهم رئيس الاتحاد، نتنياهو، بالمسؤولية عن «الإخفاق الذي تسبب في هجوم السابع من أكتوبر»، مشيراً إلى أن «الحكومة جلبت علينا الكارثة»، داعياً إلى «تحديد موعد لإجراء الانتخابات وتنصيب رئيس وزراء جديد خلال عام». وكشف أنه تحدث مع نتنياهو ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، لتعديل الميزانية بغية التكيّف مع الحرب، بما في ذلك إغلاق عددٍ من الوزارات والمكاتب الحكومية الفائضة وغير الضرورية، لافتاً إلى أنهما «لم يأخذا اقتراحه في الحسبان».وكانت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزّة، قد طالبت «الهستدروت» بإعلان الإضراب العام لشل الاقتصاد، بغية الضغط على الحكومة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس». وفي هذا الإطار، اعتبر البروفيسور الإسرائيلي في الاقتصاد، يارون زليخا، في مقابلة مع إذاعة «103 أف أم»، مثل هذا السيناريو «إشكاليّاً جداً، وخطيراً، وخصوصاً في نظر العمّال الذين هم أعضاء في الهستدروت»، عادّاً إياه «خطوة سياسية». ووفقاً له، «للهستدروت وظيفة مهمة جداً، هي الحفاظ على حقوق العمّال، وخصوصاً العمّال المستضعفين. ولذلك، فإنها نالت إلى اليوم إعفاءً من انتقادات مراقب الدولة ومسجّل الجمعيات. ولكن حقيقة كونها هيئة سياسية، تستخدم الأموال العامة للعمّال من أجل تمويل التظاهرات وخطوات أخرى، تثير شكاً كبيراً في عدالة إعفائها من الانتقاد». وأضاف أنه «الآن، يجب أن نتذكر أن الهستدروت ليست منظّمة تطوعية، فهي تتلقى الأموال الضريبية من قوّة التشريع الذي يتمتع به الكنيست، ما مكّنها من استخدام تلك الأموال لأغراض سياسية».
وتابع زليخا أن «الضريبة التي تستحقها الهستدروت، والتي أقرها الكنيست بنسبة 0.75 من الراتب، هي نسبة مرتفعة أُقرّت في السنوات التي كانت تعاني فيها المنظمة إفلاساً، فيما يُشير البعض إلى أن ما تجنيه حالياً من الضرائب التي تُدفع لها (من أجور العمال المنضوين فيها) هو فائض عن حاجتها الحالية، خصوصاً أنها تمكّنت من سداد عجزها السابق». واستنتج أنه «إن كانت تلك الأموال تُستخدم في تمويل خطوات سياسية، إذاً من الأجدر فحص النسبة التي أقرّها الكنيست من الضرائب، وإن كانت تعكس بالفعل حقيقة احتياجات المنظمة؟ أو أنه بات يُساء استخدامها عملياً لدوافع سياسية، وليس من أجل حقوق العمّال».
ولفت إلى أن «جزءاً كبيراً من عمّال هذه المنظمة هم من المعسكر اليميني، وإن نفّذت الهستدروت تهديداتها، فهذا أصلاً سيعرّضها هي نفسها أولاً وقبل كل شيء للخطر». وأضاف أنه «إن جرى استخدام الهستدروت لأغراض سياسية، فهذا أمر خطير جداً، يهدد المنظّمة وعمالها بشكل أساسي، لأن الحكومة أساساً يمكن أن تقتطع من النسبة الضريبية التي أُقرّت سابقاً لمصلحتها، وتدفع مراقب الدولة إلى فحص عملها، ثم تغيير القانون القائم في خصوصها». وختم قائلاً: «كل هذا النقاش يبدو لي سخيفاً، فنحن في وسط الحرب. أولاً علينا إنهاؤها، وإخضاع حماس في كل قطاع غزة، وأن ننشئ هناك بنية تحتية مدنيّة لإدارة شؤون القطاع، ونستعيد مختطفينا، وعندئذ، يمكن الانشغال بالنقاش السياسي. في جميع الأحوال، الهستدروت لا يجب أن تكون إلى جانب أي نقاش سياسي كهذا».