من جهتها، تضغط القاهرة للتوصّل إلى اتفاق هدنة - خلال الاجتماعَين المقبلَين -، ترى أنه «بات أمراً ضرورياً، ليس فقط من أجل وقف القتال، ولكن لمنع الاقتحام الإسرائيلي لرفح بشكل منفرد»، والذي قد يجري، وفقاً للمسؤولين المصريين، «من دون تنسيق حتى مع الولايات المتحدة أو موافقتها العلنية»، في ظلّ مساعي رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، للبقاء في السلطة ومنع التوجّه نحو انتخابات مبكرة. ومن شأن ذلك، إذا ما حصل، أن «يزيد الأوضاع الإنسانية مأساوية في رفح، ويضاعف من التوتّر غير المسبوق بين المصريين والإسرائيليين، منذ توقيع اتفاقية السلام بينهما». وعلى هذه الخلفية، يرى مسؤولون مصريون أن «المواءمة» التي يُعمل على التوصّل إليها بين الطرفَين «ترضي غرور الاحتلال بالإفراج عن بعض الأسرى» من جهة، و«تحقق شروط المقاومة باستمرار وجود أسرى عسكريين للتفاوض عليهم في صفقة ثانية، يجري السير فيها بالتوازي مع تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، وضمن خطّة إصلاحات داخلية ستمهّد لوحدة القرار الفلسطيني».
لم يشهد الوضع على المحور الحدودي الفاصل بين غزة ومصر أيّ تطورات جوهرية
وبالتزامن مع ذلك، تعمل القاهرة على ما تسمّيه «المصالحة الفلسطينية الداخلية»، و«تسوية الأزمات السياسية عبر اجتماعات مكثّفة ستُعقد في عدّة عواصم»، أملاً في الوصول إلى ما تعتبره «حلولاً وسطية» ترضي كلاً من حركتَي «فتح» و«حماس»، وتشكّل «أحد عوامل الضغط الرئيسية على إسرائيل لقبول التفاوض المباشر مع السلطة، ما يضع حداً للأطماع الإسرائيلية ويساعد على إجهاض مخطّطات نتنياهو في شأن اليوم التالي لوقف الحرب».
وفيما ترفض إسرائيل بشكل قاطع عودة الفلسطينيين إلى منازلهم أو بدء أيّ عمليات مرحلية لإعادة الأعمار، ترى مصر في هذا الرفض «تعنّتاً غير مبرّر»، خاصّة أن الخسائر في الممتلكات كبيرة للغاية، وهي تعوّل، من أجل تحقيق خطوة «التحرّك نحو إعادة الإعمار في قطاع غزة»، على «وحدة الصف الفلسطيني». أما ميدانياً، فلم يشهد الوضع على المحور الحدودي أيّ تطورات جوهرية، في وقت تواصلت فيه اجتماعات التنسيق الأمني بين المسؤولين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين، وسط تأكيد القاهرة عدم وجود أيّ نيّة لخطوات مفاجئة باقتحام رفح الفلسطينية إلى الآن، واستمرار المفاوضات على إدخال مزيد من المساعدات عبر معبر رفح في الأسابيع المقبلة، خلال فترة الهدنة.