بغداد | تؤكد فصائل «المقاومة الإسلامية في العراق» أن التهدئة الحالية التي أوقفت عملياتها العسكرية ضد القواعد الأميركية، تأتي ضمن تكتيك مؤقت لإعادة التموضع والانتشار لمقاتليها، متوعّدة باستئناف القتال في حال بقاء قوات واشنطن في البلاد، في العام الجاري. وقلّصت المقاومة، على نحو كبير، عملياتها العسكرية ضد القواعد الأميركية في سوريا والعراق، منذ 25 يوماً تقريباً، وهو ما جاء، بحسب مراقبين، نتيجة اتفاق بين الحكومة وقيادات الفصائل على إفساح المجال أمام الأولى لوضع الحلول الواقعية لإنهاء وجود قوات «التحالف الدولي» على الأراضي العراقية. وتخوض بغداد حوارات ثنائية مع واشنطن منذ 27 كانون الثاني الماضي، لمراجعة مهمة «التحالف» وإنهائها، والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية مع الولايات المتحدة، عن طريق تشكيل لجنة عسكرية مشتركة بدأت أعمالها في 11 شباط الجاري. وأكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، في «مؤتمر حوار بغداد السادس» الذي عُقد قبل أيام، أنّ «حكومة العراق تنتظر نتائج لجان التقييم المشتركة العراقية - الأميركية لتحديد وضع التحالف الدولي في البلاد»، لافتاً إلى «وجود إجماع سياسي على أن يكون العراق خالياً من القوات الأجنبية».ويؤكد المتحدث باسم حركة «النجباء» العراقية، حسين الموسوي، أن «هذه التهدئة جاءت نتيجة عدد من الضغوطات التي مورست علينا كفصائل مقاومة في الأيام الماضية، وهذه الضغوطات جاءت من عدة طرائق، سواء أكانت سياسية داخلية وخارجية أم من مرجعيات دينية». ويلفت الموسوي، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى «أننا أردنا عبر هذه التهدئة أن نبيّن مجموعة من الأمور، يأتي في مقدمتها أن نكشف للعالم أن الذي أجبر الولايات المتحدة على الدخول في هذه المفاوضات والجلوس على طاولة التفاوض، هو تلك الضربات التي قامت بها فصائل المقاومة، وهذا بحد ذاته يُعتبر إنجازاً كبيراً». ويضيف أن «التهدئة هي بمنزلة إعطاء فرصة للأميركيين ليبيّنوا حُسن نيتهم في هذا الاتجاه. وبالتالي، نريد أن نعطي فرصة أيضاً للحكومة العراقية بعد التوجهات التي أبداها رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) في مؤتمر ميونيخ للأمن، وكذلك في اللجنة التفاوضية، كي تأخذ بزمام المبادرة وتبدي رأيها في التعاطي مع عملية خروج القوات الأميركية من العراق، مع العلم أننا ندرك تماماً أن الولايات المتحدة غير صادقة وغير جادة في كل ما تدّعيه».
«النجباء»: التهدئة جاءت نتيجة ضغوطات مورست علينا


ومن جانبه، يشير عضو حركة «الصادقون» النيابية (الجناح السياسي لعصائب أهل الحق)، حسن سالم، إلى أن «التهدئة الحالية للفصائل هي التزام بقرار الحكومة ومباحثاتها الجارية مع الأميركيين لغرض خروجهم من البلاد». ويؤكد سالم، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «المقاومة العراقية لن تسكت عن الوجود الأميركي، ولديها الجاهزية والاستعداد لأي طارئ»، مضيفاً أن «جميع الفصائل تترقّب نتائج المباحثات العراقية - الأميركية بحذر، لأنه ليست لدينا الثقة بالمحتل في كل حواراته، ولذا نأمل من الحكومة إنجاح تلك المباحثات». وبحسب سالم، فإن «الهدوء الحالي مؤقت ما دام هناك أميركيون في البلاد. لكن سكوت المقاومة جاء لإسكات أصوات النشاز التي تزعم أن دور المقاومة وعملياتها هي السبب وراء بقاء المحتل الأجنبي في البلاد».
أما الفريق الركن المتقاعد، جليل خلف، فيوضح أنّ «التهدئة جاءت وفقاً لشروط وضعتها المقاومة العراقية، فضلاً عن توصية إيرانية بذلك، تلافياً لتوسّع الصراع خارج حدود العراق». ويشير خلف إلى أن «تجميد الفصائل هجماتها هدفه السماح للمباحثات العراقية - الأميركية بالمضي بهدوء، ومن دون اشتباكات جديدة. وأعتقد أن التجميد سيكون لمدة طويلة نسبياً، في حال استمر الاتفاق بين الأطراف المعنية وأبرزها قيادات الفصائل ورئيس الوزراء». ويتابع أن «هناك تنسيقاً محسوباً بين أطراف المقاومة، رغم اعتراض بعض الأطراف المسلّحة على تعليق الهجمات على الأميركيين وخاصة بعد سلسلة الضربات الأميركية الأخيرة».