وفي الدوحة، بحث أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، الجهود الهادفة إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكّد هنية، خلال اللقاء، أن «الحركة استجابت لجهود الوسطاء، ووافقت على مسار المفاوضات، وأبدت جدية ومرونة عالية، ولكنها ترى أن العدو الصهيوني يماطل وهو ما لن تقبله الحركة في أي حال من الأحوال، ولن يكون الوقت مفتوحاً أمام ذلك». وشدّد هنية على «ضرورة وقف المجازر التي يرتكبها الاحتلال»، مضيفاً أن «وقف حرب التجويع يحظى بأعلى درجات الاهتمام ولا ينبغي ربط ذلك بأي قضايا أخرى، ولن نسمح للعدو باستخدام المفاوضات غطاءً لهذه الجريمة». وفي المقابل، كشف المراسل السياسي في «إذاعة الجيش» الإسرائيلي، دورون كدوش، أن أهم نقاط الخلاف التي يتمّ بحثها في المفاوضات، هي:
1- مطلب «حماس» إعادة سكّان شمال غزة إلى منازلهم، وهو ما لن يسمح به الجيش الإسرائيلي حالياً على الإطلاق، لكن أحد الحلول الممكنة التي ستتمّ دراستها، هو اقتراح الولايات المتحدة السماح بعودة الأطفال حتى سن 14 عاماً والنساء فقط، مع وضع ممرّات وحواجز لفحص كل شخص سيمرّ إلى شمال القطاع.
أولوية «حماس» الآن هي تحسين الأحوال الإنسانية للشمال بشكل خاص
2- تطلّع إسرائيل إلى إقامة مدن خيام في منطقة الوسطى ومخيمات خان يونس لسكان غزة الذين فقدوا منازلهم، وهو ما ترفضه «حماس التي لا تزال تتمسّك بمطلب إنهاء الحرب وخروج الجيش الإسرائيلي من جميع مناطق القطاع»، وفق كدوش.
أما موقع «واينت»، فقد نقل عن من وصفهم بالمسؤولين السياسيين الإسرائيليين الكبار أنه «لم يتمّ إحراز أي تقدّم»، فيما أبلغ وزير الجيش، يوآف غالانت، عائلات الجنود الأسرى، أمس، أن «موقف المؤسسة الأمنية سيكون واضحاً: العودة الكاملة للمدنيين إلى شمال قطاع غزة لن تتمّ إلا بعد عودة جميع المختطفين، وحتى لو اضطررنا لوقف النار مؤقتاً، فسنقاتل مرة أخرى حتى عودة آخر المختطفين». وفي المقابل، وعلى خلفية تطورات المفاوضات، أعلن أهالي الأسرى أنهم سينطلقون، يوم غد الأربعاء، في مسيرة تستمرّ أربعة أيام من غزة إلى القدس المحتلة.
على خط مواز، وافق «كابينت الحرب» على بدء عملية «نقل تجريبي» للمساعدات الإنسانية من داخل الكيان إلى شمال قطاع غزة. وبذلك، يستجيب العدو للضغوط الأميركية لإيصال المساعدات مباشرة إلى الشمال، ولكن بعيداً عن «الأونروا» وعن «حماس». وبموجب هذا القرار، ستمرّ شاحنات المساعدات بفحص أمني في أحد معبرَي «كيرم شالوم» أو «نيتسانا»، ثم تدخل إلى شمال غزة عبر «ممرّ إنساني» يحدّده جيش الاحتلال، فيما سيكون أول مواقع «التجربة» في حيّ الزيتون، حيث سيتمّ تسليم المساعدات إلى «الجهات المحلّية»، التي تزعم إسرائيل أنها قامت بتحديدها في الأسابيع الأخيرة، وتواصلت معها بشأن هذه القضية.
وفي موازاة ذلك، كشفت «القناة 13» العبرية أن رئيسَي الأركان و«الشاباك» الإسرائيليين زارا مصر الأسبوع الماضي بشكل سرّي، وبحثا مسألة العملية العسكرية الإسرائيلية المفترضة في رفح. كما نقل موقع «واللا» العبري عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أن «التنسيق مع مصر شرط أساسي لأي عملية مستقبلية هناك». لكن في المقابل، يخشى المسؤولون المصريون إضاعة التقدّم الذي تحقق في المفاوضات في الأيام الماضية، بسبب تصرّفات وقرارات فردية من نتنياهو ووزراء حكومته المتطرّفين، سواء بارتكاب مجزرة كبرى في رفح، أو بالتصعيد تجاه لبنان، وهي خشية عبّر عنها المسؤولون المصريون لنظرائهم الأميركيين بشكل واضح، زاعمين أن هناك «بعض النقاط التي يمكن إقناع المقاومة بقبولها، ومن بينها انتقال بعض القادة إلى خارج الأراضي الفلسطينية بشكل مؤقّت».
ومن المتوقّع أن يحدث تواصل ثنائي بين الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأميركي، جو بايدن، قبل نهاية الأسبوع الجاري، لمناقشة العديد من النقاط التفصيلية في هذا الإطار، فيما تتواصل الضغوط المصرية على الفصائل الفلسطينية لتقديم «تنازلات» إضافية، بدعوى تحسين الظروف المعيشية لسكان القطاع خلال شهر رمضان. وفي المقابل، تتمسّك مصر برفض التصوّرات الإسرائيلية التي أرسلت إليها رسمياً، سواءٌ بشأن إخلاء رفح أو إجلاء السكان من مواقعهم في المدن التي لم يصلها الاجتياح البري. وبحسب المعلومات، رفض السيسي تلقّي اتصال من نتنياهو، الخميس الماضي، قبيل اجتماعات باريس، ورهن إعادة قنوات التواصل بتحقيق تقدّم ملموس في المفاوضات.
وعلى صعيد موازٍ، تبقى قنوات الاتصال المصرية مفتوحة أيضاً على روسيا، وسط محاولات الأخيرة التقريب بين حركتي «فتح» و«حماس»، في ما يبدو أن أولوية «حماس» حالياً وقف الحرب وتحقيق الهدنة، وليس البحث في الشؤون السياسية للبيت الداخلي الفلسطيني، رغم استعدادها لذلك لاحقاً.