تونس | تعاضد تونس الجهود الدولية في إدانة إسرائيل أمام الهيئات القضائية الأممية، آملة أن يتوّج هذا الحَراك بقرارات حاسمة تُلزم الكيان بوقف الحرب، وتؤدي إلى محاسبة قادته على الجرائم التي يرتكبونها في قطاع غزة والضفة الغربية. وفي هذا الإطار تحديداً، جاءت المرافعة التونسية أمام «محكمة العدل الدولية»، يوم الجمعة الماضي، لترفع اللبس عن قرار الرئاسة السابق الرافض للانضمام إلى أيّ دعوى ضدّ إسرائيل أمام المحكمة، والذي أُعلن قبل ساعات من انطلاق جلسات الاستماع إلى الدعوى التي تقدّمت بها جنوب أفريقيا، وذلك بحجّة أن مقاضاة الكيان تمثّل «اعترافاً ضمنياً به». أيضاً، جاءت المرافعة التونسية لتخالف الحديث عن أن الرئيس قيس سعيد تراجع عن موقفه المعادي للكيان استجابةً لضغوط أوروبية وخوفاً من تهديد إسرائيلي بزعزعة الاستقرار في بلاده. وبتكليف من سعيد، قدم أستاذ القانون الدولي، البروفيسور سليم اللغماني، المرافعة التونسية أمام «العدل الدولية»، في سياق فتوى قانونية حول الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمرّ لحقّ الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها الطويل الأمد للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 واستيطانها وضمّها، فضلاً عن التدابير الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي لمدينة القدس، بالإضافة إلى طلب رأي ثان حول كيفية تأثير سياسات إسرائيل على الوضع القانوني للاحتلال، والآثار القانونية المترتّبة على هذا الوضع لكلّ الدول والأمم المتحدة. وأبرز اللغماني أمام المحكمة، بشكل مفصّل، الانتهاكات الإسرائيلية لحقّ الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وسيادته على أراضيه، مشدداً على أن الحرب لا تستهدف الأرض الفلسطينية فقط، بل ترمي إلى إبادة الفلسطينيين، وتحويل مَن تبقى منهم إلى أفراد مشتّتين حول العالم ومحو وجودهم بشكل كلّي. وفصّل اللغماني الحجج الواقعية والقانونية التي تؤكد النية الإسرائيلية في الإبادة، مشيراً إلى أن مخطّط محو الوجود الفلسطيني، والذي صاغته دولة الاحتلال منذ تأسيسها، تسارعت وتيرة إنهاء آخر فصوله خلال الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر. وبيّن أن مسؤولية الكيان كمحتلّ ومرتكِب للجرائم ضدّ الإنسانية ومنتهِك لحقوق الإنسان الفلسطيني، لا يمكن إغفالها تحت أيّ مبرّر، داعياً إلى تطبيق الأمم المتحدة و«مجلس الأمن» للقانون الدولي. ودعا، في ختام مرافعته، الدول التي تستخدم «الفيتو» في مجلس الأمن لمساعدة إسرائيل على الإفلات من العقاب، إلى التنبّه إلى أن هذه الخطوة نفسها تهدم النظام الأممي وتؤسّس للاعدالة والتمييز.وعلى خطّ مواز، تعمل المنظمات التونسية على توسيع حجم الإدانة القضائية ضدّ الكيان، حيث قدّمت «عمادة المحامين التونسيين» دعوى قضائية لدى «المحكمة الجنائية الدولية»، منتصف الشهر الجاري، للتحقيق الجدّي في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في غزة، وذلك في إطار ملفّ متكامل قدّمته للمحكمة، شمل تصريحات قيادات الحكومة الإسرائيلية ومقاطع الفيديو والصور المنقولة من مصادر موثوقة في القطاع توثّق جرائم الحرب، بالإضافة إلى تقارير الهيئات الأممية والمنظمات الدولية الناشطة في غزة، على غرار «أطباء بلا حدود» و«الصليب الأحمر» و«الهلال الأحمر الفلسطيني». أيضاً، تضمّنت لائحة الاتهام خمسة أسماء من قيادات الاحتلال، في مقدّمها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بوصفه المسؤول الأول عن حرب الإبادة ضدّ الفلسطينيين.
وتأتي هذه الشكوى لتنضمّ إلى أخرى سابقة في الإطار نفسه، كانت قد قدّمتها «هيئة المحامين» في باريس، منذ شهر كانون الأول الماضي، فيما تتوقّع الهيئات الحقوقية أن تسارع «الجنائية الدولية» إلى بدء تحقيقاتها، على ضوء القرار الذي أصدرته «العدل الدولية»، وقضت فيه بوجاهة الاتهام الجنوب أفريقي لإسرائيل بارتكاب حرب إبادة في غزة.